13: فراشةٌ صفراء لا تحبّ الزهور
رأيت هذه الصورة اليوم، فدقّ لها قلبي.
ما حكايتها؟ إن لم تكن صادفتها خلال تصفحك للسوشيال ميديا اليوم، سأحكي لك حكايتها بشكل سريع:
" هذا الشخص صاحب التيشرت الرمادي يقول أن أمه كانت تخبره دائماً أنّها ستتحول لفراشةٍ صفراء عندما تموت. يقول أنّها المرة الأولى التي تقترب منه فراشةً صفراء إلى هذا الحدّ. "
إنّها المرة الأولى التي تقتربُ منه أمه إلى هذا الحدّ.
ولأنّ عالم الأرواح عالمٌ واسع وغامض ومثير , ويدقّ على أوتار قناعاتٍ ومشاعر أملكها، أشعر أن تلك القصّة لطيفةً وصادقة وإن تعامل معها البعض على أنها ضربٌ من خرافات ساذجة.
في عائلتي سيدةٌ أحبّها، هي حماةُ أختي، لا طالما كررَتْ قصةً جميلة، تؤمن تماماً بها، حتى كدت أن أؤمن بها كذلك، كان هذا قبل سنوات من تلك الصورة التي ترونها الآن.
زوجها مات منذ عشر سنوات تقريباً، وكلما خطر ببالها، أو استفقدته في موقفٍ ما، كعرس ابنه مثلاً، أو موت والدته، أو وهيتدعو له بقرب قبره، ظهرت لها فراشة بنيّة من اللامكان، وظلّت ترفرف حولها. هناك روحٌ تحوم في المكان كحارس، تشاركهم السعادة والدفء والحزن على حد سواء، كأنّ هذه الروح لم تغادرهم يوماً.
هل هذه خدعة يخلقها الإنسان ليطبطب على روحه المتلهفة؟ خرافة بدأها شخص ما لينسى شرذمة الحنين لزوجته مثلاً، أو حكايةٌ ألفّتها مربيّة ما لأطفالٍ فقدوا ذويهم في حادث سيارة ليستطيعوا التمّلص من كوابيسهم؟ بابٌ من أبواب التنمية البشرية الواهية؟ لا أعلم.
كنت أشاهد مسلسلاً منذ فترة طويلة، بطلته تتواصل مع أرواح عالقة، لم ينتهوا من أمورهم جميعها، فتكون واسطتهم الروحيّة لاستكمال ما يمنعهم من العبور للنور. أحببت هذا المسلسل لأنه برغم لا واقعيته كان دافئاً، كان طمأنينة لكل من شعروا أنهم لم يتمكنوا من قول كلمتهم الأخيرة.
ولأنني أملك دفئاً خاصّاً لحكايا الأرواح، أتوقّع أن في الأمر ما يفوق الخرافات والبدع والإختلاقات. أشعر أنّ أرواح من نحبهم لا تتلاشى، وأنها تملؤ الكون حولنا، طيّبةً كانت أو خبيثة. أفضّل أن أشعر أن من ذهبوا في استطاعتهم العودة بأي صورة يحبّونها، وأنّ الأبّ الذي رحل باكراً يمكنه العودة ليشهد ابنته عروساً، أو أن الجدّة التي عاشت عاموداً للبيت تستطيع رؤية الجميع على مائدة إفطار رمضان كل عام كأنها لم تغادر قطّ، وأنّ مربيّةً رافقت أطفال هذه العائلة مذ كانوا فئراناً نشيطة تحوم في البيت حتى تزيّنوا بقبّعة التخرج قد تذكّروها في خطاب الشكرّ حين ترقرت أعينهم بالدموع، وأنّ الأخ لامس كتف أخيه عندما وقف بمفرده يوم عرسه ليخبره: " أنا في ضهرك ".
أفضّل أن أصدّق ذلك على تصيبني قسوة الحقيقة التي يحملها الموت: " من ذهب، لا يعود ".
هروب؟ لا بأس.
-
13/ 365

امممم
ردحذفبغض النظر عن التصديق أو الاختلاف
أنا بدأت القراءة مكذب. وانتهيت وأنا حابب الفكرة وشبه مصدق 😊
عجبني صدق المشاعر كعادتك
عجبني جدا جدا كالعادة أيضا اللغة (اللهم بارك )
فكرتني بحاجة حابقى ابعاتهالك تقريها 😊
استمري 😊
حسبت أنّ ردّي السابق قد نُشر بالفعل، بس عملها وخلع :D
حذفلستُ أملك أدلة علمّية ولا حقائق ثبوتية إنما هي محض حكايا وعاطفة نابعة من قلب التجربة.. المهم أنك انتهيت من النصّ وأنتَ محبٌّ لللفكرة.
أشكرك على إطرائك وعلى قرائتك ..
زي ما تميم بيقول:
ردحذفليس الحمام بريدًا حين يبلغكم بل تلك أرواحنا تهوي لكم بُرُدًا
المفضلة <3
ردحذف