17: مهارةٌ يومية: عندما يصبح التكرارُ أمراً جميلاً

كنت في ورشة مع أستاذ عمر طاهر قبل بضعة أسابيع، وطلب من كل واحد منّا أن يكتب سيرة ذاتية أدبيةً عن نفسه، فدار في خاطري: " حلّقي يا فتاة! لا أسوار تمنعكِ."
تذكّرتُ هذا البارحة وأنا أشاهد فيلمي المفضلّ مجدداً لليلة الثانية على التوالي. لا ملل، كأنني أصاب بفقدانٍ في الذاكرة بينما ليس في الأمر فقداناً لشيء سوى التحكم في تيرمومتر عدد مرات المشاهدة!

" المهارات:
٤. أستطيع مشاهدة الفيلم ذاته أكثر من مرة: وأن أستمتع به كأنّها مرّتي الأولى "

هذا ما كتبته في سيرتي الذاتية كواحدة من مهاراتي الخمسة. ولم أظنّ أن هذه المهارة حقيقية حتى شاهدتُ بعض الأفلام قرابة العشر مرّات، أعلم النهاية جيداً، بل أحفظها عن ظهر قلب، لكنّها ما زالت تُبكيني في فيلم a walk to remember، أو تثُير في نفسي القشعريرة، تلك القشعريرة التي تشبُه وصولك لسرّ الحياة، تماماً كما في فيلم about time، أو تُمنّي النفس بنهاية سعيدة لقصتّك التي تتعثر معك عبر السنين كـ love, Rosie.
ماذا عن فيلمي المفضّل على الإطلاق؟ ششش، هو سرّي الضئيل الذي أدركت من خلاله أن المتعة ليست بالضرورة في نهاية الفيلم وإنما في الرحلة نفسها التي تجعل فكرة انتهاء الفيلم أصلاً بغيضة وسخيفة ولا تُحتمل.

لم يعد الأمر يتوقف على الأفلام فحسب، كوب الشاي بالنعناع مثلاً، زمزم أيامي الإعتيادية، هو طلبي الأول دائماً في أي مكان؛ " في نعناع فريش؟ " هو أول سؤال أسأله.

أم كلثوم.. لا يمكنني، حتى وإن حاولت، أن أملّ منها، أو أن أتوقّف مثلاً عن جعلها اختياري الأول في قائمة أغانيي المفضلة في أي حالة كنت وأي مكان ذهبت.


إنها أمور جعلتني أخلق كالفينق كلما عايشت منها الدقائق الأولى. ولا عجب أنني لاحظت الآن أني كتبت ذات المفضّلات في السيرة الذاتية الأدبية. إنها تبطينٍ لعقلي ورغباتي وكوني أنا، ولا شيء أكثر.

" مفضّلاتي:
1-      أم كلثوم: 
سيّدة الأزمان، لم أحبّها عندما كنت صغيرة لكنّ ماما اطمأنت وظلّت تخبرني " لما تكبري وتحبّي، هتحبّي الستّ " ، وقد كان، عندما تذوقت الحبّ تذوقّت حلاوة الستّ، ومذ حين لم يغب مذاقها القتّال عني، وتطاير معها اطمئنان أمي.
" ده أنا قلبي اتقطّع لبكاك " تقولها كأنها التفاح المسموم، و" بعيد عنك حياتي عذاب، ما تبعدنيش بعيد عنك " بلهفة منزوعة الكبرياء، ثمّ الـ " آااه " المتفردة بصدقها كأن لا آهات في الحبّ بعدها. هي النعمة التي لا تنضبّ ما بقيت شوارع مصر حيّة.

3-       
كوب زجاجيّ من الشاي بالنعناع:
أكثر بقاع الأرض سلاماُ. محبّةٌ نشرتها بين كل من أعرفهم حتى اقترنت اسماؤنا أنا والشاي بالنعناع، سويّاً."


-

17/365

تعليقات

  1. ممكن أضيف مهارة سادسة؟
    شد انتباه القارئ و لازم يخلص المقال حتى آخر حرف.

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

299: يوم في زمن الكورونا

365: خطّ النهاية: حيث ارتاح العدّاء من الركض خلف أحلامه

10: يوميّات: أم حبيبة وأنا