23: مجردُ خيالٍ آخر: بريدٌ مُفاجىء
>> يتبع
رائحة الڤانيليا تتغلغل في جنبات الغرفة حتى تشعر أنك عالق في قالب كيك ساخن. أحبّ هذه الرائحة، تسبب لي أحيانا تهيّجاً في جيوبي الأنفية لكنّها مفضّلتي.
في غرفتي ألبس فستاناً ناعماً وأفرد شعري، ولا أعبؤ بأحد.
" أسما" صوت من بعيد نادى، إنّه صوت آية:
" في رسالة وصلتك في البريد "
ولأن البريد هو الشيء الذي لاطالما أردت ألا ينقطع بيني وبين الماضي، داومتُ على مراسلة الجميع خلاله. لكن من يراسلني ولا تعرفه آية! ارتبت.
من أمام مكتبتي، صرخت: " من مين؟ "
لم تردّ
" من مين يا آية؟!"
" تعالي شوفي"
إذاً هو ليس شخصاً لا تعرفه آية، وإنما تعرفه جيداً للحدّ الذي يمنعها من قول اسمه أمامي بكل سلاسة كأنها تقول اسمّ البوّاب. ذهبت باتجاه الباب الأزرق خاصتنا لأجد كل المغلفات والرسائل مصطفين فوق بعضهم بشكل عشوائي، ورسالتي على يمينهم.
تخرج آية من غرفتها:
" هو مش كان اختفى؟ "
أفقد تركيزي للحظة، إن الإسم المكتوب على هذا الظرف ثقيلٌ جداً بثقل مطرقة تدقّ اسمه في قلبي ولا تتوقف ابداً. ثابتٌ كرشم الصليب، فما نفع الرسائل المُرسلة إن كنت أراسلك يومياً في خيالي! ولا أنتظر رداً.
أردفت آية بحذر:
" هتفتحيه؟ "
نظرت لها لتسمع صوت الصراخ في قلبي:
" هفتحه. "
ودخلتُ غرفتي لأنفرد بذاتي المعذّبة. وأغلقت الباب بكل تعب، كأن أطرافي تفقد سيطرتها على مقبض الباب لكنّه إرهاقٌ في الروح وحسب.
فتحت الظرف، وجدت في الرسالة بطاقة بيضاء تلمع كالستان. هل هي دعوة؟ دعوة عُرس؟! لا أقدر على تقبّل دعوة عرس الآن، فلتتزوح في صمت.
وجب على الإنسان في لحظاتٍ كتلك أن يدرك أن وشم الحبّ في القلب ووشم الصورة في العين ليست بالضرورة سبيلاً للوصول وأن الحبّ وإن كان " متل الموت والموت ما بيموت " فيمكن التعايش مع خسارته على أقل تقدير، يجب أن أفتح دعوة العرس هذه لتعالجني الصدمة، أو لتقتلني لا أدري.
إنها ورقة لها ملمس خشن وقوّي، كأنها ورق مقوى، وبعض السطور وتوقيع مبهر في آخره، "محبتي: مريد البرغوثي"! عدتُ لأقرأ السطور الأولى،نعم إنه مريد البرغوثي بالفعل، يرسل لي أن رضوى لا طالما استحقت هذا الحبّ العظيم، وأنه يودّ لو أنني استطعت مقابلتها وجهاً لوجه، ويدعوني لعشاء عائليّ لطيف بمناسبة ذكرى ميلادها، أنا وصديقي المقرب!"
هل هكذا تبدأ الأحلام؟ أم هكذا تنتهي؟!
-
رائحة الڤانيليا تتغلغل في جنبات الغرفة حتى تشعر أنك عالق في قالب كيك ساخن. أحبّ هذه الرائحة، تسبب لي أحيانا تهيّجاً في جيوبي الأنفية لكنّها مفضّلتي.
في غرفتي ألبس فستاناً ناعماً وأفرد شعري، ولا أعبؤ بأحد.
" أسما" صوت من بعيد نادى، إنّه صوت آية:
" في رسالة وصلتك في البريد "
ولأن البريد هو الشيء الذي لاطالما أردت ألا ينقطع بيني وبين الماضي، داومتُ على مراسلة الجميع خلاله. لكن من يراسلني ولا تعرفه آية! ارتبت.
من أمام مكتبتي، صرخت: " من مين؟ "
لم تردّ
" من مين يا آية؟!"
" تعالي شوفي"
إذاً هو ليس شخصاً لا تعرفه آية، وإنما تعرفه جيداً للحدّ الذي يمنعها من قول اسمه أمامي بكل سلاسة كأنها تقول اسمّ البوّاب. ذهبت باتجاه الباب الأزرق خاصتنا لأجد كل المغلفات والرسائل مصطفين فوق بعضهم بشكل عشوائي، ورسالتي على يمينهم.
تخرج آية من غرفتها:
" هو مش كان اختفى؟ "
أفقد تركيزي للحظة، إن الإسم المكتوب على هذا الظرف ثقيلٌ جداً بثقل مطرقة تدقّ اسمه في قلبي ولا تتوقف ابداً. ثابتٌ كرشم الصليب، فما نفع الرسائل المُرسلة إن كنت أراسلك يومياً في خيالي! ولا أنتظر رداً.
أردفت آية بحذر:
" هتفتحيه؟ "
نظرت لها لتسمع صوت الصراخ في قلبي:
" هفتحه. "
ودخلتُ غرفتي لأنفرد بذاتي المعذّبة. وأغلقت الباب بكل تعب، كأن أطرافي تفقد سيطرتها على مقبض الباب لكنّه إرهاقٌ في الروح وحسب.
فتحت الظرف، وجدت في الرسالة بطاقة بيضاء تلمع كالستان. هل هي دعوة؟ دعوة عُرس؟! لا أقدر على تقبّل دعوة عرس الآن، فلتتزوح في صمت.
وجب على الإنسان في لحظاتٍ كتلك أن يدرك أن وشم الحبّ في القلب ووشم الصورة في العين ليست بالضرورة سبيلاً للوصول وأن الحبّ وإن كان " متل الموت والموت ما بيموت " فيمكن التعايش مع خسارته على أقل تقدير، يجب أن أفتح دعوة العرس هذه لتعالجني الصدمة، أو لتقتلني لا أدري.
إنها ورقة لها ملمس خشن وقوّي، كأنها ورق مقوى، وبعض السطور وتوقيع مبهر في آخره، "محبتي: مريد البرغوثي"! عدتُ لأقرأ السطور الأولى،نعم إنه مريد البرغوثي بالفعل، يرسل لي أن رضوى لا طالما استحقت هذا الحبّ العظيم، وأنه يودّ لو أنني استطعت مقابلتها وجهاً لوجه، ويدعوني لعشاء عائليّ لطيف بمناسبة ذكرى ميلادها، أنا وصديقي المقرب!"
هل هكذا تبدأ الأحلام؟ أم هكذا تنتهي؟!
-
23/365
جميلة يا أسما جدا
ردحذفتسلميلي يا خلود <3
حذفpure masterpiece
ردحذف