29: أمّ حبيبة تعود من جديد

هل تتذكرّون أم حبيبة؟ نعم تلك التي كتبت عنها تدوينة سابقة. أم حبيبة عادت من جديد.

بعد أن كتبت تدوينة " أم حبيبة وأنا " منذ بضعة أسابيع، اختفت أم حبيبة من عمارتنا. لأسبابٍ مجهولة تماماً لم تعد تظهر أمام عتبة بابنا. وفجأة، ظهرت قطة شيرازي يبدو عليها كبرياءٌ جديد اللون، لا تتسّم بالنونوة المستمرة ولا بمسح فرائها في أطراف ثيابي، كانت هادئة وراكزة وذات عزةٍ لا تشبه طباع القطط.

في المرة الأولى، لم أكتشف الفرق، ظننتها أم حبيبة خاصتنا، ونما لها فراء كثيف بسبب طول الفترة التي مكثت فيها في غرفتي، لكن  ما أثار ريبتي صدقاً هي طباعها التي لا تشبه البتّة طباع قططتنا المجنونة. أين ذهبت أم حبيبة إذاً؟ ومن تلك الأميرة النائمة على سور السلّم، التي تنظر لك ولا تطلب الطعام، هي تعلم أنك ستجلبه من تلقاء نفسك!

تساءلت أنا وإخوتي هل استردّها أصحابُها؟ لأنّها لا طالما بدت لي كقطة منزلية، هل هربت من عمارتنا لأنّ شخصاً ما آذاها أو طردها بعيداً، لأن كثيراً من سكان العمارة يخافونها وهي لا تتوانى عن إخافتهم. ظللنا نتساءل، ولا إجابة واضحة غير تلك القطّة الشيرازية ال" تنكة "التي سكنت عمارتنا فجأة دون أيّ إنذارات سابقة.

إلى أن تفاجأت بأم حبيبة أمام الباب! كيف عدتِ يا مجنونة وأين كنتِ كلّ هذا الوقت!
ما هذا؟ من قصّ لك فراءك ودرّم أظافرك وجعلك بكل هذه النضافة؟ كيف استحممتِ وأين؟ وأين اختفت القطّة الشيرازي ال" تنكة" الأخرى؟ ماذا حدث؟ وددتُ لو استطاعت الردّ  لتريح فيَّ الفضول.

صدقاً لا أعرف لكل تلك الأسئلة جواباً واحداً، لكنّه حدث. وجدتها تبدو بكل هذا البهاء والنظافة، منمّقة ومرتبة، تنوّنوّ ما زالت للطعام، بعض الخصال لا تتغير، مهما تغيّرت المظاهر.

حضّرتُ لها طبقاً شهيّاً ووضعته أمامها، لم تكن قادرة على الإنتظار حتى، كادت أن تنقضّ على ذراعي، راوغتها فخُدِعت، وأتت عليه حتى انتهت منه، فقلت لها:
"حمدلله ع السلامة يا أم حبيبة، حمدلله ع السلامة"

-


29/365

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

299: يوم في زمن الكورونا

365: خطّ النهاية: حيث ارتاح العدّاء من الركض خلف أحلامه

10: يوميّات: أم حبيبة وأنا