49: إستادٌ منزلي: لمثل هذا نحبّ كرة القدم
في مباريات كرة القدم الوطنيّة، ينتفض العِرق المصريّ الذي لا ينتفض حقاً إلّا في مناسبتين - أظنُّ أننا نعرفهما جيداً- واحدةٌ منهما في يناير والأخرى كرة القدم، وتتأهبّ الحماسة في عروقنا ويمكننا فعل أيّ شيء، أيّ شيء، فقط لكي نتمكّن من مشاهدة مباراةٍ تلعب فيها مصر في بطولة ما.
أنت تتعرف على مصريّتك في مباريات كرة القدم لا محالة.
ولا طالما أحببتُ خلقَ إستاد منزليّ خاصّ، لا أحبّ الإزدحام الذي يصعّب عليّ تباعاً أخذ نفسي ويجعل حركتي محسوبةً بخطط ومناهجَ طويلة، كأنني محتجزةٌ في مصعد ضيّق، أفضّل أن أفتح كيس دوريتوس بالجبنة وأغمّسه في صلصة الزبادي الباردة بينما أضمّ كل ذلك إلى صدري وأنا متكئةٌ على أريكتنا المريحة في بيجامتي الدافئة، أستنشق هواءً بارداً، وأملكُ من الرفاهية ما يكفيني لكي أزور بيت الراحة متى أردت.
وهذه كانت خطتي لليلة، حتى صفعتني قناة تايم سبورتس على حين غفلة، واكتشفتُ أن المباراة لن تُعرض كما خططت للأمر. لم تهدأ مصريّتي الكرويّة، حاولتُ صدقاً أن أتجاهلها لكنّها راحت تصرخ. كان ذلك في تمام الثانية عشر بتوقيت مدينة الشارقة.
وفي تمام الثانية عشر والنصف كنْتُ أجلسُ وسط مجموعة كبيرةٍ من الناس في مقهىً شعبِيٍّ أحبّه، أشاهدُ المباراة. لم يكن في الأمر البيجامة الدافئة ولا الهواء البارد ولا الأريكة المريحة ولا أي طقسٍ من طقوسي المعتادة، لكن لا بأس، كان الشايُ بالنعناع وبعضُ مقرمشات الطفولة التي ما ذابت على طرف لساني حتى أخذتني لعمارتنا القديمة ولعبة " السبع بلاطات"، حيث طبطبا على كتفي هما والهدف الذي صنع الفوز.
لمثل تلك اللحظاتْ نحبُّ كرةَ القدم.
-
49/365

تعليقات
إرسال تعليق