52: " بوابة الحلواني ": كبسولة زمنية
أخشى -إن لم تكن تعرف هذا الأغنية مسبقاً- ألّا تستشعر تدوينة اليوم، لذا عزيزي القارىء رجاءً اضغط الرابط التالي واستمع لها أثناء قراءتك لهذا النَصّ، أتمنى أن تستشعر معي رقّة هذه الأغنية، وإن لم تستشعرها فهذا على الأغلب لعدم ارتباطها معك بالطفولة.
https://soundcloud.com/hussamsus/tpcn2x47utyv
سأحكي لكم ما الذي حدث في بدايات فجر اليوم عندما كنت أغسل الصحون على صوت علي الحجّار، وهو من الأقربين لقلبي، حين بدأت أغنية " بوابة الحلوني " التي اعتدت أن أتجاوزها دون أن أسمعها لفترة طويلة، حتى أنني لا أتذكر متى سمعتها للمرة الأخيرة أنا التي أسمع علي الحجار بشكل دوريّ!
ولحسن حظّي كانت يدايَ مشغولةً بالصحون فلم أستطع تجاوزها كالعادة، فسمعتها، كأنني أسمعها للمرة الأولى!
فاجئتني الموسيقى. كيف لها أن تتحول لكبسولة زمنية! لأنني صدقاً سافرتُ عبر الزمن، تحديداً من الثانية الثامنة والأربعون. سافرتُ لصباح اليوم الذي سنعود فيه إلى مصر لقضاء الأجازة الصيفية، كان ذلك في بداية الألفينات، عندما كنتُ ابنة الستّ سنوات تقريباً، لم أكن قادرة على النوم من شدّة الحماس، كان الحماس يقيم حروباً في أمعائي. حتى أن النوم الذي أحبّه ويحبّني، يهجرني ليلتها. ملابس السفر وإكسسوارات الشعر والحقيبة اللامعة كلهم مُعلقين على شماعاتهم في انتظاري والحنّة على كفيَّ. ما هي الموسيقى التي اكتشفتُ أنني كنت أسمعها في اللحظات الأولى لهذا الصباح؟ بوابة الحلواني.
وأستغرب حقاً لمَ وكيف ارتبطت عندي بهذا الصباح وصباح العيد. لكنّني عندما سمعتها اليوم شعرت بحنين غامر، فيضانٌ من المشاعر نقلني من أرض إلى أرض، ومن زمن إلى زمن.
ثم وجدتُ نفسي في مشهدٍ آخر، مشهدٌ نسجته فكرة فتاةٍ عرفتها في ورشة الكتابة، كَتبتْ مرة عن العودة بالزمن للحظة التي بدأ فيها الحلواني في بناء مصر لتمنعه من ذلك، راحت تبحث في شارع مليء بمحلّات الحلوّيات عنه. على الأغلب لم تجده لأنّ مصر ها هي الآن، بُنيت.
والله أنّ الموسيقى حكاية شديدة العظمة، وأخشى أن أعظمَ المشاعر نشأت بالموسيقى، اكتملت مع الموسيقى، وانتهت في الدقيقة الأخيرة للموسيقى. وأن سيد حجاب حكاية أخرى، حكاية شديد الجمال، حكايةٌ فريدةٌ من نوعها. أظنّ أنّ هذه الأغنيّة تثير في القلب محبّةً عجيبةً لمِصر، أو هذا ما أثارته في قلبي أنا.
" بحلم يا صاحبي وأنا لسا بحبي بدنيا تانية ومصر جنة يا صاحبي
وآجي أحقق الحلم ألقى الموج عالي عالي عالي طاح بي "..
-
52/365
تعليقات
إرسال تعليق