54: يتبع: "هناك احتمال آخر لتتويج مسعانا بغير الهزيمة "

> يتبع ..


في طريق العودة لشقّتها الصغيرة، فكّرت:" ماذا يمكّن الإنسان من الفوز؟ أعني، لا بأس بالخسارة، لكن ماذا يمكّن الإنسان من الوصول؟" وطرقت جملة رضوى عاشور بوابّة هذا التساؤل حتى كادت تسمعها بصوت السيّدة: " هناك احتمال آخر لتتويج مسعانا بغير الهزيمة ما دمنا قررنا أننا لن نموت قبل أن نحاول أن نحيا ".

كم غريبٌ هذا العالم، يطرأُ على بالها مقولتين يفصل بينهما دقائق، واحدةٌ لمها أحمد وآخرى لرضوى عاشور، تباين الحياة العادل. مقولةٌ يملؤها الإحباط ومقولةٌ أخرى فيها من العزاء ما يكفي للطبطبة على الفؤاد.


أما " ورد " فتركتها في المكان الذي قابلتها فيه، حادثت نفسها في أن تصطحبها معها للشقة، لكنّها خافت من ردّ فعل مارلين التي تشاركها الغرفة، لسبب مجهولٍ شعرت أن مارلين تخاف القطط، على الأغلب لأنها لم تظهر تعاطفاً أو شغفاً تجاه القطط ولا تجاه أي مقطع مصوّر أرتها إياه لتلك الكائنات المحببة. 
تركت "ورد" تحت الشجرة مُطمئنةً إياها: " سأعود، للذرة مدارات لا تحيد عنها، اطمئني ". جلبت عليها هذه الجملة شيئاً من سوء الحظّ عندما تذكرت وجهه وهو يقول لها : " كل الطيور تعود لأعشاشها، وأنا طيرك " ولم يعد بعدها أبداً.

" لكنني سأعود لورد " هكذا وبّخت نفسها عندما طرأ لها ما طرأ، لا بدّ وأن معيد مادة الكيمياء سيحدث ثقباً في القلب بحديثه اللامبالي عن الكيمياء على أية حال، وسأعود للخلاء ذاته مجدداً وقريباً، قريباً جداً.

وما إنْ انتهت كل هذه الأفكار حتى وجدت نفسها تلفّ المفتاح في قفل الباب، لتجد الشقّة فارغة، " مارلين؟ " نادت ولكن لم يجبها أحد، ولاحظت على باب الثلاجة ملاحظة : " نزلتُ المكتبة لمراجعة بعض النصوص، لن أتأخر، سنتغدى سوياً، يوماً جيداً ".

" ماذا يُمكّن الإنسان من الوصول؟ " راح يدور السؤال ويدور كأنّه نحلة تطنّ، ورغم أنّ "هناك احتمال آخر لتتويج مسعانا بغير الهزيمة" إلا أننا نصل أحياناً دون أن ندرك أننا بالفعل نقف عند خطّ النهاية، منتصرين! أنّ كأساً وهميّاً بالفعل بين أيدينا، وسعادةً - من المفترض - أن تكون فائضة تجتاح قلوبنا، لكننا لا نشعر بتلك اللحظة العظيمة إلا بعد أن تمرّ، وتصبح ماضي.

هل من الممكن أن أكون قد عشت انتصاراتي بالفعل لكنّي لم أقدرّها، لم أهنأ بها ولم أغرق في ثمالة السعادة التي يتحدثون عنها! هل تُحسب عليّ وصولاً حينها! والله لا أتذكّر مذاقهـ...


ثم غافلني صوت مفتاح مارلين يداعب قفل الباب...


> يتبع

-

54/365

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

299: يوم في زمن الكورونا

365: خطّ النهاية: حيث ارتاح العدّاء من الركض خلف أحلامه

10: يوميّات: أم حبيبة وأنا