57: ما بين غزل البنات والصخر، مُتشابهات
حكاية اليوم، صوتُها أنثوي بحت. ولعلّ الرجال الذين تمرّ أعينهم بهذه الكلمات الآن، يشعرون أن هذا النصّ لا يعنيهم، وعلى الأغلب تعتريهم رغبة في إغلاقه في الحال. إن وصلت إلى هذا السطر على الأغلب فأنتَ ستكمل قراءة هذا النصّ ولن تتراجع.
كفتاة في منتصف العشرينات أو أكاد، أقابل الكثير من المنشورات والنصوص والسطور التي تتحدث عن عِظم دور الكلام في حياة المرأة، وكيف أنه باستطاعتك أن " تاكل رأسها" بكلامك المعسول ورأيكَ المتحيّز لجمالها.
أتحدثُ عن نفسي ولا شيء غير نفسي لأتحدث عنه على كل الأحوال، في الأمر حقيقةٌ لا يُمكن إنكارها، نحنُ - وأتحدث بصيغة الجمع لأخفي فيها زهو صيغة المفرد- رؤوسنا مصنوعة من غزل البنات، يؤكل بالكلام ويذوب معه في دقائق، أنتَ محقّ عزيزي، فقُل لنا كلاماً ناعماً، قُل وتغزّل إن سُمح لك ولا بأس عليك. لكن هل يجعل ذلك من عقولنا مصانعاً للّهو مثلاً؟ نحنُ نعلم تماماً في أي فمٍ يذوب غزل بناتنا.
ثم من اقتصر الأمر على الإناث! يستحقّ الرجال كذلك كلمةً رقيقة و إطراءً لطيفاً، ألا تذوب رؤوسهم الصخرية تحت وطأة الكلمات فتغدو كلافا مشتعلة؟ ألا تنغمس قلوبهم الصلدة في نهرٍ من الشوكولاتة فتتحوّل لمارشميللو هشّة؟
كفتاة في منتصف العشرينات أو أكاد، أقابل الكثير من المنشورات والنصوص والسطور التي تتحدث عن عِظم دور الكلام في حياة المرأة، وكيف أنه باستطاعتك أن " تاكل رأسها" بكلامك المعسول ورأيكَ المتحيّز لجمالها.
أتحدثُ عن نفسي ولا شيء غير نفسي لأتحدث عنه على كل الأحوال، في الأمر حقيقةٌ لا يُمكن إنكارها، نحنُ - وأتحدث بصيغة الجمع لأخفي فيها زهو صيغة المفرد- رؤوسنا مصنوعة من غزل البنات، يؤكل بالكلام ويذوب معه في دقائق، أنتَ محقّ عزيزي، فقُل لنا كلاماً ناعماً، قُل وتغزّل إن سُمح لك ولا بأس عليك. لكن هل يجعل ذلك من عقولنا مصانعاً للّهو مثلاً؟ نحنُ نعلم تماماً في أي فمٍ يذوب غزل بناتنا.
ثم من اقتصر الأمر على الإناث! يستحقّ الرجال كذلك كلمةً رقيقة و إطراءً لطيفاً، ألا تذوب رؤوسهم الصخرية تحت وطأة الكلمات فتغدو كلافا مشتعلة؟ ألا تنغمس قلوبهم الصلدة في نهرٍ من الشوكولاتة فتتحوّل لمارشميللو هشّة؟
ومثيرٌ للشفقة كم يعتقدُ البعض - بما فيهم نساء- أن الدورة الشهرية تجعل المرأة مجنونة تسير في الشارع تشد شعرها باكيةً تشكو الدنيا والناس، وأنّ الدورة الشهرية تجعلها متقلبة القرارات ومتموّجة الثبات. الدورة الشهرية تحدثُ لأنّها تحدث، لأنها جزء من التكوين لا المنظرة ولا التبرير. نتألم لأننا نتألم، ونحتاج راحة كما يحتاج دور الزكام عند الرجل - مع اعتبار فروقات الألم-. هل تمنعنا الدورة الشهرية من أن نصبح ذووي مناصب؟ هكذا يعتقد بعض الرجال لكنّها في الحقيقة مبرر ساذج ينمّ عن ضعف الحيلة وقلة الموهبة فحسب. إن كانت تلك كينونتنا وما نحن عليه، فلمَ يتجاوز الرجل عن كينونتنه التي تجعل منه سابحاً أغلب الوقت على وجهه بحثاً عن الجنس وإن لم يكن كذلك فهو يفكّر به وإن لم يكن كذلك فعلى الأقل هو من أولوياته في الحياة، ولا يستطيع هو و العالم تجاوز جزءٍ من كينونة المرأة ليعمّ العدل! هل سيمنعه هذا من أن يصبح في مناصب ذات هيبة أو لها مسمّى؟ هذه سيكولوجيتك وأنتَ تسيطر عليها لأنك إنسان، هكذا يفعل البشر، يتحكّمون في كينوناتهم ، إلا إذا أرادوا أن يتحوّلوا لمسخ في نهاية الأمر. أعني ببساطة شديدة لمَ لا يحاسبً الرجل على جسده وما يجلبه على العالم كما تُحاسب المرأة وجسدها وما يجلبه على العالم على حدّ سواء؟!
دعنا عزيزي القارئ - هكذا أنادي الجنسين لا الرجل فحسب- من سيكولوجية المجتمع الشرقي، ودعنا نتفكّر في سيكولوجية المجتمع العالمي، لا يخلو المجتمع المتفتّح ودول العالم الأول من هكذا مقارنةٍ خائبةٍ، ضِف على تلك مقارنة اللون والدين، النتيجة متقاربةٌ هنا وهناك.
نحنُ " ننفخُ في إربة مخرومة" في الأساس، لكنّي أواجه نفسي وأنفسكم خلال كلماتٍ -قد وإن لم تغيّر شيئاً- فهي تشعركم أنّكم لستم بمفردكم، أنا هنا أؤمن بما تؤمنون، أن امرأةً ذات قلب كبير، ورجلٌ كذلك، وأن امرأة ذات قلب صغير، ورجلٌ كذلك.
لا يؤمن الكثيرون أن مخزون المرأة في عقلها يمكن له أن يقيم أمماً، أن ما تكنزه هو ذهبٌ حقيقيّ وليسَ وهماً، ويظنّون أنّها متى ما وقفت كتفاً لكتف مع رجل فهي تتحداه لا تكافئه، تنأى عنه لا تأنس به، تزجيه بعيداً لدنيا المهانة لا تتشارك معه عالماً من النجاح. فمتى تؤمنون؟
-
57/365
تعليقات
إرسال تعليق