35: صباحٌ آخر: نُواحٌ أم زقزقة؟!
إنّ صوتَ العصافير هذا الصباح لا يشبه الزقزقة، كان أقرب لنواحٍ على غيابك الذي برغم مبرراته الحقيقية لا يُنتقص من قساوته شيئٌ، لأنّه في نهاية الأمر، غياب.
ماذا أفعل أنا؟ لا شيء غير أنني أواظب على قراءة آلافٍ من الكلمات التي تبادلناها في محادثاتنا اليومية، فأتذّكر تفاصيل نسيتها، يا للأسف! كنت أفضّل أن أنساها!
يمكن لأي شخّص يجلس بجواري الآن أن يشتم رائحة الحزن. لا يمكن لأي شيء عدا رؤيتك أن تستبدل رائحة الحزن تلك بللاڤندر الناعم. لا يمكن لأي شيء عدا عينيك أن يجعلني أنظر للدنيا بقلب سمحٍ وصافي. ولا يمكن لأيّ شيء سوى دعاباتك التي تنساب منك كأنّها أنتَ أن تجعلني أضحك للدنيا كأنّني في نهاري الأول فيها.
أجمل ما في الكتابة أنها طريق سفر طويلة، أخوضها لقلبٍ لا يعرف أنه هو المعنيّ بالوصول، وأقيمُ فيها حرباً على نفسي، قد يشهدها الكثيرون لكنّهم لن يستطيعوا كتم فوّهة سلاحي ولا منع انفجار ألغامي ولا إجباري على التراجع عن شحذ سيفي من غمده الساكن، كل هؤلاء سيشهدون حربي التي أصارع فيها عدواً واحداً لا يُقهر: نفسي، لكنّهم لن يستطيعوا إنقاذي من مواجهة الخسارة ولا منعي من الوصول بحربي لأرض هدنة حيث لن تهدأَ الحرب فيها لأنّ أخرى باردةً ستستعر في جوفها لتذيب الفؤاد.
أقسى ما في الكتابة أنهّا تستبيح تعذيبك لأنّها تدعّي أن أنيناً بديعاً يخرج منك كلما تألمت، إنّه صوت موسيقاك.
يبدو أن نواح العصافير اليومَ كان مؤازرة، حتى أنهم أخبروني أنهم حاولوا أن يقنعوا الشمس ألا تشرق كرامةً لعيني، وأن تتزحزح الغيوم بجوار بعضها لتشاركني البكاء، وأن تتكاثف الأمواج لتسكن لبحرها وألا تفتعل زياراتٍ متكررة للشاطىء جيئةً وذهاباً، لكنّها -ولله الحمد- فشلت في إقناعهم. همست العصافير لي وقالت: " الدنيا مبتقفش على حد، الدنيا مبتقفش لحد "
فربّتُّ على ريشها وقلت: إذاً تحرري وطيري لشبّاك آخر، شبّاك فيه حبيبان، دعي القلوب المشرّدة للغِربان وزقزقي أنتِ، اذهبي.
-
ماذا أفعل أنا؟ لا شيء غير أنني أواظب على قراءة آلافٍ من الكلمات التي تبادلناها في محادثاتنا اليومية، فأتذّكر تفاصيل نسيتها، يا للأسف! كنت أفضّل أن أنساها!
يمكن لأي شخّص يجلس بجواري الآن أن يشتم رائحة الحزن. لا يمكن لأي شيء عدا رؤيتك أن تستبدل رائحة الحزن تلك بللاڤندر الناعم. لا يمكن لأي شيء عدا عينيك أن يجعلني أنظر للدنيا بقلب سمحٍ وصافي. ولا يمكن لأيّ شيء سوى دعاباتك التي تنساب منك كأنّها أنتَ أن تجعلني أضحك للدنيا كأنّني في نهاري الأول فيها.
أجمل ما في الكتابة أنها طريق سفر طويلة، أخوضها لقلبٍ لا يعرف أنه هو المعنيّ بالوصول، وأقيمُ فيها حرباً على نفسي، قد يشهدها الكثيرون لكنّهم لن يستطيعوا كتم فوّهة سلاحي ولا منع انفجار ألغامي ولا إجباري على التراجع عن شحذ سيفي من غمده الساكن، كل هؤلاء سيشهدون حربي التي أصارع فيها عدواً واحداً لا يُقهر: نفسي، لكنّهم لن يستطيعوا إنقاذي من مواجهة الخسارة ولا منعي من الوصول بحربي لأرض هدنة حيث لن تهدأَ الحرب فيها لأنّ أخرى باردةً ستستعر في جوفها لتذيب الفؤاد.
أقسى ما في الكتابة أنهّا تستبيح تعذيبك لأنّها تدعّي أن أنيناً بديعاً يخرج منك كلما تألمت، إنّه صوت موسيقاك.
يبدو أن نواح العصافير اليومَ كان مؤازرة، حتى أنهم أخبروني أنهم حاولوا أن يقنعوا الشمس ألا تشرق كرامةً لعيني، وأن تتزحزح الغيوم بجوار بعضها لتشاركني البكاء، وأن تتكاثف الأمواج لتسكن لبحرها وألا تفتعل زياراتٍ متكررة للشاطىء جيئةً وذهاباً، لكنّها -ولله الحمد- فشلت في إقناعهم. همست العصافير لي وقالت: " الدنيا مبتقفش على حد، الدنيا مبتقفش لحد "
فربّتُّ على ريشها وقلت: إذاً تحرري وطيري لشبّاك آخر، شبّاك فيه حبيبان، دعي القلوب المشرّدة للغِربان وزقزقي أنتِ، اذهبي.
-
35/365
يارب عصافير تزقزق في قلبك على طول..
ردحذف