36: فرصةٌ سعيدةٌ سيئةُ الطالع..

نحبّ - أنا والفتيات- أن نُشاهد فيلماً عندما تسنح لنا الفرصة، فاخترنا فيلماً ليلة البارحة وهممنا بالمشاهدة، عندما فرغنا منه شعرت أنّ ساعتين من حياتي راحوا هباءً منثوراً. لكنّهم على ردائة الفيلم، لم يكونوا كذلك، دعوني أحكي لكم حكاية.

في واحدة من إفطاراتنا الجماعية في رمضان مع الأصدقاء الذين - لحسن الحظّ- تتفاوت أعمارهم وأعمالهم- كنا نلعبُ لعبة الأسئلة فسُئل عمرو عرنسة -وهو لمن لا يعرفه شخصيةٌ بديعةٌ متّقدة الذكاء-: ما هي الثلاث أمور التي علّمتك إيّاها التجارب والسنين؟
فردّ بثلاث نقاط لم أتوقع أن أسمعها، لم يخطر ببالي أن يصيغ أحدٌ ثلاثة أفكار كهذي على أنّها بهريز ما توصّل له في الحياة. فكانت إحداها:
" لا يوجد فعل غير مهم، لا توجد تجربة غير مفيدة، لا أشخاص تقابلهم ولا وقت تمضيه ولا عمل صغير تشارك به ولا فيلم تشاهده. قد تبدو أمورٌ متكررة ولا مغزى لها، لكنّ ما علمتني الحياة أنّها أمورٌ قيّمة للغاية، خطوات صغيرة وفارقةٌ في مشوار حياتك لكنك لن تعيها الآن، غداً عندما تصل لنهاية المتاهة ظافراً بالوصول ستنظر وراءك لتُدرك كمّ الإمتنان الذي تحمله لكل الأفعال التافهة تلك، لطلعاتك مع الأصدقاء وللعب الكرة معهم في نهارٍ حارّ ومزعج، لكل الأشخاص الجدد الذين قابلتهم ولكل الوظائف التي شغرتها في أشهر الصيف وأنتَ بالأساس لا ترغبها، لكل المهارات التي تعلّمتها بالمواجهة والصبر. 
يجد الإنسانُ نفسه باحثاً دائماً عن أوجه الإستفادة الذاتية من مساعدة هذا ومن مقابلة ذاك، وينأى أن يخوض بنفسه لعيش تجربة لا أطراف لها، ينأى أن يخوض رحلاتٍ لا يعرف إلى أين سينتهي بها الحال، ليجد نفسه فارغاً يحمل في نفسه اللاشيء سوى ذاته. أعني، أنّ الأمر بالنسبة لي كان دائماً في الاختيار الأول، كل ما وصلت إليه ووصل إليّ كان فرصاً لم تُهييء لي كفرص في الأساس."

لم أعتد أن أسمع نصيحةً كتلك لكنني شعرت أنّها ما احتجت في حياتي.

فبعد مشاهدة فيلم البارحة شعرت أن ساعتين لم يذهبا في الهراء البحت، بل كانتا ساعتين لتعليمي أن هذا الفيلم سيء فحسب وأنني لن أشاهده مجدداً وقد أُنقذ ساعتين أحد ما بدلاً من أن يستهلكهما في هذا الفيلم. وأنّ مدى الرداءِة هذا سيرفع عندي حسّ التذوق والإمتنان لأفلامي المفضلة. شكراً أيّها الفيلم الرديء، قد كنت فرصة سعيدةً.

-

36/365

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

299: يوم في زمن الكورونا

365: خطّ النهاية: حيث ارتاح العدّاء من الركض خلف أحلامه

10: يوميّات: أم حبيبة وأنا