66: ماذا تفعل الكتبُ بالقلوب؟!



البارحة، مررتُ بجملة بحثتُ عنها طويلاً، وشعرتُ كأنّ لوحةً فنيةً استوقتني، أو صوت ناي يعزف بجانبي ليستدعيني، كأنّ مغناطيساً جذبني نحو هذا العنوان الآسر: " سيّداتُ القمر ".

في أول مرةٍ سمعت ُ فيها عن جوخة الحارثي وروايتها التي حازت على جائزة مان بوكر العالمية " سيداتُ القمر" ، انتابني فخرٌ خفيّ، رغم أنّ إنجازها شخصيّ لكنني شعرتُ أنّه إنجازٌ جماعيّ للمرأة العربيّة، بل للكاتبة العربيّة، بل للأديبة العربية. ولستُ أتحدثُ عن روايتها اليوم بموضوعيّة لأنني بدأتها ولم أنتهِ منها بعد لكنني أتحدثُ عن مدى جمال اللحظة التي تحصل فيها على عملٍ فنيّ بحثت عنه طويلاً، بنُسخةٍ ورقيّةٍ بديعةُ الطباعة، والأهم أنّه لكاتبة قرأت لها أربعة سطور على ظهر رواية وأيقنت بعدها أنك على بعد غلافٍ من قطعةٍ جماليةٍ مُحتملة.

قبل أن يغلبني النوم البارحة، غلبني الحماسُ لأقشّر الغلاف البلاستيكيّ وأبدأُ في قراءة الصفحاتِ الأولى من الرواية. فأخبروني إذاً أعزّائي القراء، كيفُ يمكن لكم أن تعبروا عن سرقة القلب من فرط الجمال، وتخبئته في بستان واسعٍ من الزهور التي تبرعمت من الكلمات؟

 لقد بدأتُ مع ميّا لوعتها من الحبّ الذي خبّأته في الفؤاد، وأخشى أنني سأتوّرط معها كثيراً، أخشى أنني سأُشاركها لوعتها وابتهالاتها السريّة. وأقتبس: " حين رأت ميّا علي بن خلف كان قد أمضى سنوات في لندن للدراسة وعاد بلا شهادة، لكنّ رؤيته صعقت ميّا في الحال. كان طويلاً لدرجة أنّه لامس سحابةً عجلى مرقت في السماء، ونحيلاً لدرجة أنّ ميا أرادت أن تسنده من الريح التي حملت السحابة بعيداً. كانّ نبيلاً. كان قدّيساً. لم يكن من هؤلاء البشر العاديّين الذين يتعرّقون وينامون ويشتمون. " أحلف لك يا ربّي إنّي لا أريد غير رؤيته مرّة أخرى". ورأته، في موسم حصاد التمر، مستنداً إلى نخلة وقد خلع كمّته لشدّه الحرّ. رأته فبكت، انتحت عند أول الساقية وأجهشت في البكاء". 

أحمل آمالاً تجاه هذه الرواية، وأتأمل أن أعرفَ عن عُمان الطيّبة ما لا أعرفه، وعن النساء العمانيّات ما لم يمرّ عليّ قبلاً.

صدقاً، ماذا تفعل الكتبُ بالقلوب حتى نحومُ المنزل ممسكين بهم كأبنائنا، ونقبّلهم كأنهم حيواتنا الأليفة؟!

-

66/365

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

299: يوم في زمن الكورونا

365: خطّ النهاية: حيث ارتاح العدّاء من الركض خلف أحلامه

10: يوميّات: أم حبيبة وأنا