67: لهفةٌ للشتاء: الدفء الذي أحبّه

أتمددُ على سريري، ألتحفُ ببطانيّتين، وتحتي "دفّاية" كما نلقّبها في العامية المصريّة، وهي غطاء صوفيّ يمنع عن جسدك لحظة البرودة التي تسري من خلال جلدك كصعقة كهرباء بسيطة، أمسك فنجاناً ساخناً من السحلب المحبب إلى قلبي، تفوح في الغرفة رائحة شمعةٍ اشتريتها في موسم التخفيضات الصيف الماضي، وأفكّر ما الذي سيتغيّر في حياتي الشتاء القادم!

أشتاقُ للشتاءُ، لأنّني أكون فيه أكثر هدوءاً، يُمكنني التفكير بروّية، ولأطرافي بالإرتياح، رغم البرد الذي يتمركز فيهم. وجوه الناس في الشارع تغدو أكثر سلاسة، سائقون التاكسي لا يشتمون كالعادة، الناس تتلحفّ في ثيابها الثقيلة، لا ينظر لهم أحد، ولا يضايقهم أحد. ثمّة أناقة في الملابس والأحذية الطويلة، وشهامةٌ في الجواكيت التي تنتقل من كتف لكتف، ورومانسيةٌ في المظلّات التي يتشاركها اثنان، وفي فناجين الشاي التي تلفّها أيادي الجالسين في المقاهي، ثمّة جمال في أيادي الفتيات وهنّ يمططن أكمام ثيابهنّ الصوفيّة لتغطي كفوفهنّ، ورقّة في أن ينفخ زوجٌ دفْأه في راحة زوجته ليتشاركا الدفء. 

في الشتاء مفهوم الدفء أصلاً، وهذا ما يجعل الشتاء يحمل تفرّده في قلبي، للأنني على الأغلب أبحث دائماً عن الدفء، في الأماكن والملابس والعلاقات، أبحث عن الدفء في عيون الناس وفي لمساتهم وفي كلامهم، أبحث عنه لأنّه على الأغلب شعوري المفضّل، وهذا بالتأكيد ما يجعل الشتاء وقتي المفضّل طوال العام. 

وبين شتاءٍ وشتاء، تتغير الأشياء. تبدأ أحلام وتنتهي أمانيٍ، يظهر أناس، ويسقط آخرون في المنتصف، تسقط أنتَ أحياناً، تقف مجدداً، تبدأ شعلة حبّ لأحدهم، وعلى مداخل الصيف تذوب كالشمع. ويظلّ السؤال الذي أحبّ أن أفكّر فيه دائماً في الشتاء قائماً: ما الذي سيتغيّر في الشتاء القادم يا ترى؟!

-

67/365

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

299: يوم في زمن الكورونا

365: خطّ النهاية: حيث ارتاح العدّاء من الركض خلف أحلامه

10: يوميّات: أم حبيبة وأنا