73: انتصارٌ وهميّ فوق السحاب
بعد رحلة طويلة، يمكنني القول أنني مُثقلة بالمشاهد، كأنّ العين كانت تسجّل كل ما يدور حولها، ومع ذلك لا أودّ أن أتحدّث عنها، لكنني سأقاوم بكل ضراوة رغبتي العارمة في السكوت، وسأكتب..
لا أعلم تحديداً ما الذي يفوتني في هذا العالم لأواجه هذا القدر الهائل من قلة الذوق والعنجهيّة في يومٍ واحد! لكنني سأتغاضى بطبيعتي التي تميل إلى المُسالمة عن كل هذه السخافات وسأحدّثكم عن فرصةٍ سعيدة للغاية، فرصة جعلتني أستقلّ طائرة يقودها طاقم كامل من النساء، كابتن إيمان وكابتن دينا وسيدتيّن تعذّر عليّ سماع اسميهما.
تخيّل معي عزيزي القارىء، طائرةٌ ممتلئة عن بُكرة أبيها بشعبٍ يملك بالدم عقيدة عدم الإستحقاقية والجودة النسويّة، تخيل! عندما نطقت المضيفة أسماء السيدات الأربعة اللواتي سيقدنْ رحلة اليوم، لمحت نظرة الإرتياب والشكّ والقلق في أعين الرجل والنساء على حدّ سواء، حتّى أن ماما أخبرتني بملىء تفاجئها: " كابتن دينا!".
على الأغلب سيبدو في الأمر تحيّز فاضح، لكنني بالفعل شعرتُ بالسعادة، عندما هبطت الطائرة وهدأ كبرياء الرجال الواهي ونشأ في أعين النساء الغيرة الممتزجة بالغبطة بدلاً من التشكك الملحوظ واللاثقة التي بدأت في همساتهم المتكررة: "كابتن إيمان!" " كابتن دينا!" " لأ ده ربنا يستر" . كان شعوراً مُرضِياً، وكأنّه انتصار للنساء بينما هو في حقيقة الأمر انتصارٌ وهميّ!
-
73/365
تعليقات
إرسال تعليق