81: لنركض خلف الغيمة التي لا تركض خلفنا

إن تركتها، أتت. وإن ركضت لها، انتحت.
ليست تلك قناعة وإنّما ورقةٌ علّقتها على دولابٍ ما في قلبي، وأخذتُ أقرأها كل صباح كوِرد. أحاول أن أنجو من الخسارات المتتالية، وأريد أن أنجح في الإختبارات المتكررة، أريد أن أشعر أنّ ثمّة سرّاً سينقذني كلما ضللت طريقي، وكان هذا سرّي.

يجب عليّ أن أتعلم التوقف عن الركض، وأن أتعلم المشي من جديد، فأستمع إلى الموسيقى وأتفكر في حياتي رويداً رويداً كلما خطوت خطوة في الطريق، يجب عليّ عن أترك الأشياء تنفلتُ من بين أصابعي لأن يدي لم تعدْ تحتمل حملها، ويجبُ عليّ أن أعترف أن السعي المستمر لا يعني بالضرورة الوصول وأن التخلي لا يضمن الخسارة.

أتذكّر مكاسباً حصلت عليها دون جهد منّي ولا سعي، حصلتُ عليها بينما ألهثُ أنا في طريقٍ آخر، وأتذّكر فقداً لم أتصور له أن يحدث بكل سهولةٍ بينما كنت أسخر كل عمري لكي لا ينجلي ما تقبضه يميني.

لا تحدثُ الأمور مصادفةً على كل الأحوال، أو هكذا أؤمن، فالحياة تتابعات مترابطة بشكل عجيب ومبهر، وحياتك بحد ذاتها أعجوبة منسوخة بدقة حريريةٍ كبيت عنكبوت بل أدقّ، بدايةٌ ونهايةٌ مدروسة يتخللها حبكات وحبكات، بعضها تعلْق فيه وبعضها تستطيع الهروب منه. لكن على رغم الدقة المحكمة تلك، ثمّة معجزاتٌ تأتيك لتصيبك بالدهشة:" من أين أتى لي هذا وأنا لم أبحث عنه يوماً؟ ". لأنّه يسير باتجاهك منذ الأزل، ولإنّه عارفٌ طريقك ويبحث عنك ليصل إليك، لا لإنك سرت باتجاهك، بل لإنّه مقدّر له أن يصلك أنت.

ولا أعلم متى آمنتْ بهذه الجملة حتى وضعتها أمام عيني طوال الوقت! هل لأنّها تحققت معي بدقّة أم لأنني أحبّ أن أزيح عن عقلي المسؤولية باتكالي إلى الله؟ لا أعلم تحديداً، لكنني سأعترفُ بفقر خططي، وأقول بصدقٍ أنني متى ما تركتُ الغيوم لتسير باتجاهي أمطرت ورداً. فلن أركض باتجاه الغيوم ثانية!

-

81/365

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

299: يوم في زمن الكورونا

365: خطّ النهاية: حيث ارتاح العدّاء من الركض خلف أحلامه

10: يوميّات: أم حبيبة وأنا