83: مفاجئةٌ صغيرةٌ غير متوقعّة..

سأحكي لكم، حكايةً غريبة حدثت ليلة البارحة بينما كنت أمسك بهاتفي في بيتنا المتكون من طابقين وسلم يربطهما- وهذا وصفٌ سنحتاجه لاحقاً في تخيل المشهد-.

بينما كنت أتصفّح هاتفي خايلني ظلّ متحركٌ ينزل السلّم، كائنٌ ذو أربعة، ولما التفتُ لجزءٍ من الثانية هُييء لي أنني رأيتُ قطة خارجة من غرفتي وتتمختر على السلم نزولاً للصالون الذي يعتبر جزءاً من الطابق السفلي للبيت. 
" حسناً! ماذا رأيتُ لتوّي! إن كانت بالفعل قطة، فمن أين أتت وأين تتوجه حضرتها؟" وتوقف عقلي لوهلة من الزمن. وحملتني أقدامي لغرفتي علّني نسيت باب البلكونة مفتوحاً، أو أنني أتكهّن مثلاً! فوجدته مغلقاً ووجدتني في كامل وعيي.

نزلتُ على السلم، ولم أجد شيئاً، اختفت، كأنها لم تُوجد أصلاً، حتى أنني خفت التوّهم، وأنّ لا شيء مرّ من هنا من الأساس، ثم تضاربت الصراعات، أعني، أنا أفضّل القطط عن الفئران أو ابن عُرس وحتى الصراصير، لكن إن لم تكن تلك قطّة بالفعل فماذا رأيتُ أنا؟ هل كانت روحاً عالقةً في بيتنا وكانت تريد الهروب! أصابتني أفكار مجنونة.

نزلتُ بهدوء سلّماً سلّماً، وأنا أنونو وأبسبس علّها تشعر بالطمأنينة فتخرج من مكمنها، ومرّ وقت، قبل أن أتفاجيء ببقعة صغيرة  صفراء على أرض المطبخ، كأنّ الكائن الذي مرّ هنا قد قرر أن يترك لنا هديةً دافئة قبل أن يختفي. ماما لا تريد أن تقتنع أن هذه البقعة الصفراء من فعل القطة، فراحت تقول: " هذه ماء متسربة من رخامة المطبخ" أما حدسي فبدأ يطمئن، ثمّة قطّة في بيتنا المُغلق بابه بإحكام منذ ساعات!

وما لبثتُ أن خرجتُ من باب المطبخ حتى اندفعت أمام عيني مرتعبة تحاول أن تركض في زوايا الغرفة وأسفل السفرة، تجتهدُ لتجد ملاذاً آمناً، وأنا أحاول -يائسةً- أن أطمئنها، وأنا أعلم أن فرق أحجامنا يكفي بأن يشعرها بأنّ حرباً ما ستقوم، لا سلاماً. انطلقت كالطلقة فوق السلم ثانية لتختبىء في أبعد نقطة أسفل أريكة غرفة الجلوس، ولبثت واستقرّت وأمّنت نفسها. ولا فائدة من محاولة إخراجها. هذا ما استنتجتُ بعد محاولات استمرت لنصف ساعة كلها باءت بالفشل.

" الصباح رباح" قالت أمي، " سيبوها للصبح". فقدّمتُ لها طبقاً من الحليب المخفف بالماء، ووضعته على الأرض بجانب فتحةٍ صغيرة أسفل الأريكة. حتى أتى الصباح.

خلال الليل، أنهت " القطيطة " حليبها، وتحركت من مكانها، وفي الصباح رفعت لها ماما الأريكة وفتحت لها الباب في الدور السفليّ، فركضت  باتجاه النور مخلّفةً وراءها قصةً وذكرى، حتى أنني تذكّرتُ قطة عمارتنا السابقة " أم حبيبة". وتآلفتُ مع حقيقة أنني أحبّ القطط وأن القدر على الأغلب يجذبهم إليّ.



العائلة بعد أن تمّ لمّ شملها، والصغيرة صاحبة العلامة الصفراء هي ضيفة البارحة


-

83/365

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

299: يوم في زمن الكورونا

365: خطّ النهاية: حيث ارتاح العدّاء من الركض خلف أحلامه

10: يوميّات: أم حبيبة وأنا