84:أغانٍ دافئة وطريق سفر

" حبيبي كان هنا مالي الدنيا عليّا بالحبّ والهنا، حبيبي يا أنا يا أغلى من عنيّا بتسأل مين أنا؟!" وطريقٌ مظلمٌ من بورسعيد إلى دمياط.

في الليالي الهادئة التي تحملها عجلات السيارة لا قلبي المُثقل، أتساءل متى ستتكرر تلك اللحظات مجدداً؟! متى سيكون الشعور بالحياة خفيفاً ورائعاً وطيّباً إلى هذا الحدّ؟! وكيف لي أن أستيقظ كل يوم بهذه الخفّة، في قلبي ثقَة في الغيب وفي عيوني قمرٌ يعكس نور الشمس لا بلوتو بارد لا يعرف عن دفئها الكثير.

دائماً ما شعرت أن أغنية طويلة وجميلة وطريق سفر هو مزيج مثالي للحظة حبّ، مزيج مثالي لكي ينشأ حبّ، ومزيجٌ مثالي لكي ينتهي حبّ، ومزيج مثالي لكي ينزف جرح حبّ. 

 " أنا الحبّ اللي كان، اللي نسيته أوام، من قبل الأوان" تغنيها ميادة الحناوي لتقطع لحظةً مثالية وتجعل النسيان ويكأنّه أمرٌ ساهل. أن تُنسى " أوام" هو أسوأ أنواع النسيان. أن تنسى لأنك لم تكن أصلاً كتلةً أو لم تكن مساحة أو لم تكن زمناً حتى. أنتَ تُنسى لأنك لم تحتل جزءاً من عالم أحد.

لا أعلم لمَ أكتب هذا الآن، رغم أن الجو عذب، والموسيقى تماماً كالتي أحبّها، والسيارة تحملني في جوفها وتركض بي، وفي الحقيقة لا أفكر لا في النسيان ولا فيمن نسوني حتّى، لكنّ شطر الأغنية هذا قطع عني حالة الخفّة تلك، لكن على العموم، لنعود، بورسعيد التي أزورها للمرة الأولى تشبه خليطاً من ثلاثة مدن: رأس البرّ، المنصورة والأسكندرية. وفيها جوّ مشحونٌ بالأسرة المصريّة التي تسعى لأن تستمع بالحياة لتنسى أعباء التعويم والمواصلات. سياراتٌ كثيرةٌ وعشوائية، وسيارات الأجرة بيضاء لكن بها خطوط ودوائرٌ زرقاء بداخلها أرقام، ناسها متفاوتون، وما بين الإزدحام والراحة، تجدُ نفسك على مشارفِ مدينة ستحبّها، وستأتلف معها كأنّها مدينتك. هكذا شعرت اتجاهها.

" قالت يا ولدي لا تحزن، فالحبّ عليك هو المكتوب يا ولدي"  هنا انتهت تدوينة اليوم تماماً، وأنا يا عبدالحليم لن أحزن. لن أحزن. وأياً كان المكتوب فليأتي، فأنا الآن في مزيج مثالي للحظة حبٍّ للحياة.

-

84/365

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

299: يوم في زمن الكورونا

365: خطّ النهاية: حيث ارتاح العدّاء من الركض خلف أحلامه

10: يوميّات: أم حبيبة وأنا