63: متى أعودُ لمنزلي؟!
أشعرُ أحياناً أنني بحاجة للعودة إلى منزلي، بينما أكون أصلاً في غرفة المعيشة أو حتى أتمدد على سريري! وكأنّ الغربة لا تكتفي بالمساحات والمسافات والأمكنة، لكي تمتدّ لعمق عمق الروح.
أحياناً يبدو أن السير لبيتي أبعد من قدرتي على الوصول، وأنّ بيتي ليس في أيّ مكانٍ قريب من هنا، وأنني على الرغم من ضجّة المحيطين، فتاةٌ صغيرةٌ ذات شعر مقسوم لضفيرتين، تُمسك بأيسكريم ذائب في قيظ أغسطس، تبكي بمفردها.
وقد يبدو الشعور مُمكناً، أعني أشعر بالألفة لأنني أؤمن أنّ بشراً آخرين تمّكنوا من الإحساس بذات الشعور الذي شعرت به مُسبقاً. ولكنني أخاف من أن يكون إيماني بهذا نابعٌ من خوفي من الوحداوية حتى في الشعور، بينما البشر في الخارج لم يتمكّنوا من مشاركة ذات الشعور معي أصلاً!
جزءٌ من ارتباطي بدفء هذه المدوّنة، إن اجتزأنا منها رغبتي الشخصية في أن أعبّر عن نفسي ككاتبة، فهي ونسٌ شخصي، كأننا وحدنا في العالم، أنا والمدونة، متفرّدين باضطراباتنا، وطيبتنا، وسخافة رأفة قلوبنا. وعلى كلّ هذه المؤازرة، فهذه المدونة لا تعلم الكثير عن صاحبتها، إلا أن صاحبتها تعلم الكثير عنها، مثلاً، هي لا تعلم رغبتي في أن أكسر كوباً زجاجياً الآن، أو أن أقف أمام بحر لأصرخ قليلاً فلا يسمع بكائي أحد، أو في أن أطرق الباب في وجه من تركني أدبر وأكمل هو الطريق بمفرده، أو أن أسبّ وألعن وأنا أجهش في إحباطٍ هستيري، أو عن الحبّ المشرذم في فؤادي كلباسٍ مهترئ. محظوظة هذه المدوّنة لأنّها لا تعرفُ شيئاً عن يومياتي الورقية!
وفي رحلة محاولتي للعودة إلى منزلي، أرتطم بنفسي، أرتطم بحقيقة أنني أنا ولا شيئ غيري هو ما يقف في وجه وصولي، قد تكون تلك طبيعتي، قد تكون تلك بلاهتي وقد تكون تلك بكل بساطة أنا، وأنا على الأغلب سأظل في حضرة نفسي لفترة لا بأس بها، لذا أستحضر شطرين قرأتهما اليوم لدرويش:
" منفىً هو العالم الخارجي
ومنفىً هو العالم الباطنيّ "
وأقول يا ربّي، متى أشعر أنني عدت أخيراً من المنفى ممسكة مفتاح منزلي ،وأرتاح؟
-
63/365
أحياناً يبدو أن السير لبيتي أبعد من قدرتي على الوصول، وأنّ بيتي ليس في أيّ مكانٍ قريب من هنا، وأنني على الرغم من ضجّة المحيطين، فتاةٌ صغيرةٌ ذات شعر مقسوم لضفيرتين، تُمسك بأيسكريم ذائب في قيظ أغسطس، تبكي بمفردها.
وقد يبدو الشعور مُمكناً، أعني أشعر بالألفة لأنني أؤمن أنّ بشراً آخرين تمّكنوا من الإحساس بذات الشعور الذي شعرت به مُسبقاً. ولكنني أخاف من أن يكون إيماني بهذا نابعٌ من خوفي من الوحداوية حتى في الشعور، بينما البشر في الخارج لم يتمكّنوا من مشاركة ذات الشعور معي أصلاً!
جزءٌ من ارتباطي بدفء هذه المدوّنة، إن اجتزأنا منها رغبتي الشخصية في أن أعبّر عن نفسي ككاتبة، فهي ونسٌ شخصي، كأننا وحدنا في العالم، أنا والمدونة، متفرّدين باضطراباتنا، وطيبتنا، وسخافة رأفة قلوبنا. وعلى كلّ هذه المؤازرة، فهذه المدونة لا تعلم الكثير عن صاحبتها، إلا أن صاحبتها تعلم الكثير عنها، مثلاً، هي لا تعلم رغبتي في أن أكسر كوباً زجاجياً الآن، أو أن أقف أمام بحر لأصرخ قليلاً فلا يسمع بكائي أحد، أو في أن أطرق الباب في وجه من تركني أدبر وأكمل هو الطريق بمفرده، أو أن أسبّ وألعن وأنا أجهش في إحباطٍ هستيري، أو عن الحبّ المشرذم في فؤادي كلباسٍ مهترئ. محظوظة هذه المدوّنة لأنّها لا تعرفُ شيئاً عن يومياتي الورقية!
وفي رحلة محاولتي للعودة إلى منزلي، أرتطم بنفسي، أرتطم بحقيقة أنني أنا ولا شيئ غيري هو ما يقف في وجه وصولي، قد تكون تلك طبيعتي، قد تكون تلك بلاهتي وقد تكون تلك بكل بساطة أنا، وأنا على الأغلب سأظل في حضرة نفسي لفترة لا بأس بها، لذا أستحضر شطرين قرأتهما اليوم لدرويش:
" منفىً هو العالم الخارجي
ومنفىً هو العالم الباطنيّ "
وأقول يا ربّي، متى أشعر أنني عدت أخيراً من المنفى ممسكة مفتاح منزلي ،وأرتاح؟
-
63/365
تعليقات
إرسال تعليق