108: ثمة دائماً مرّة أولى..
تعالوا لنتحدّث عن المرّاتِ الأولى، عن المرّة الأولى التي تعيشها وتنتهي منها لأنّها ستكون هي ذاتها المرّة الأخيرة، أو المرّة الأولى من الأمور التي تجثو على أنفاسك، أو المرّة الأولى التي تطير بك على بساطٍ من الهناء التام حيث تكاد تؤمن أن لا شقاء بعده. المرّات الأولى التي لا تعلم أنتَ إن كنت ستُعيشها ثانية أم ستتمنّى لها أن تنتهي في صورتها الأولى.
كمّ مرّةً ستعايش فقد الوالدين مثلاً؟ مرة واحدة، وهي المرة الأولى والأخيرة. كم مرّة ستعايش اللحظة الأولى للقاء من تحبّهم؟ كثيراً، كل مرة تملك تفصيلاً مميزاً وشكلاً يتناسب معهم، وستظلّ تلك المرة في حديثكم الذي لا يُملّ منه والذي سيبقى ما بقيتم مليئاً بالمفاجئات. كمّ مرةً ستحبّ حبّك الأول حيث يتعرّف فيه فؤادك على أنّه فؤاد في الأساس كجنين يحاول الإمساك بثديّ أمه؟ مرة واحدة، مرةً واحدة ستحبّ فيها حبّك الأول، مرة واحدة قد تكون وصمة وقد تكون وساماً. كمّ مرّةً ستتخرّج من المدرسة الثانوية والبكالريوس والدكتوراة؟ مرة، أو مرّتان أو ثلاث أو أكثر إنْ كنت لا تفضل الدراسة كثيراً، لكنّ لابدّ لها من مرة أولى.
إنّ للمرة الأولى قدسية، ومكانةٌ كما يكون للحفيد الأول محبّة استثنائية في قلب الأجداد، وإنّك وإن حاولت أن تتناسى ما حفرته في فؤادك فعلى الأغلب لن تنجح، لأنّ المرة الأولى لن تنساك من ذاكرتها، هي تعلم تفاصيلك ومداخلك وذكرياتك، هي تعلم أنّ مكانة أشخاص بعينهم تكوّنت فقط لأنّهم كانوا "مرّة أولى" في قصص ما أو أحداث عشتها، أو جروح جدّ غزيرة لأنّها كانت نزفك الأول الذي قطّبته الأيام بالتناسي.
كيفَ كانت مرّاتكم الأولى التي لا تنسوها أبداً؟ كأول اقتناءٍ لحيوان أليف أو أول ركلة لطفلك الأول في جدار بطنك الرقيق أو أول كلمةٍ قالها الطفل الأول في العائلة أو أول صورة اقتنيتها لأحدٍ تودّ أن تحمله معك أينما حللت أو أول حطام لممت أجزاءه المتناثرة من روحك؟ كيف كانت مرّتك الأولى الأوْلى لها أن تُخلّد؟ حدثوني عنها :)
-
108/365
تعليقات
إرسال تعليق