123: خلّد يومك..
في الأول من يناير لعام ٢٠١٧ كتبتُ أول صفحة في مذكّراتي اليومية، على ما أتذكّر كنت ما زلتُ في سنتي الأخيرة من الجامعة واشتريتُ أجندة سنويّة في الأيام الأخيرة من ديسمبر لعام ٢٠١٦ فأردتُ أن أبدأ في استخدامها بشكلٍ ما، فبدأتُ في التدوين. حينها لم أكن أُدرك قيمة ما أقدّمه لنفسي، أنا لستُ شخصاً يُذكر، ولم يكن لبّ التدوين في تخليد الشخص بل الذكريات. أنا، أنسى. أنسى كثيراً. أنسى الأحداث والتفاصيل، وتختلط عليّ التواريخ والمشاهد، ويغيب عن خاطري كيف شعرتُ في لحظة ما وما الذي أدّى بي لهذا الشعور وذاك. أنسـى بشدّة، وكأنني كل فترة أولد من جديد. لكنني لا أنسى الوجوه، أنسى أساميهم نعم، لكن وجوههم تُطبع في الذاكرة.
داومتُ على الكتابة بشكلٍ صارمٍ ومقرّب لقلبي، كل ليلة، بعد يوم جامعي مُنهِك، وأنا على سريري المهترىء الذي ظلّ يإزّ طوال الثلاث سنين التي عرفته فيهم، أضيء كشّاف الموبايل وأكتبُ. ثم أنام. هكذا استمرّ الأمر حتى توقفت في الفترة التي كان يجب لزاماً عليّ ألا ينفلت من يدي القلم والأجندة، كانت تلك الأيام التي زُرت فيها تونس لشهر، ولشدة انهماكي في التجربة وانتهاك ساعتي البيولوجية كنت أنهار جسدياً أغلب الوقت، فكان النوم أمراً مفاجئاً قد يدقّ النواقيس في أي وقت وأيّما مكان. يمكنني أن أنام على أريكة في غرفة الفتيات، أو في المطعم أو في المترو أو في السيارة أو حتّى وأنا أمام البحر. لا أتذكرُ أنني حظيت بلحظات يوميةٍ منتظمة تُمكنني من الكتابة. وإنني كلما عدتُ بالوراء لأجندة ٢٠١٧ تحسّرت على الفراغ المختبىء خلف الصفحات المكتظة بخطي المتذبذب تبعاً لليوم ونوعية القلم الذي أكتب به، وتمنّيتُ لو استطعت سرقة بضع دقائق من الزمن لكتابة تفاصيل اليوم أو حتى نبذة عامةً عنه وعن ما حدث فيه.
أعتبر كتابة المذكراتِ إرث لا بدّ من حفظه، دليلٌ يمكنك به العودة بالوراء لما كنت عليه، لما مررت به ولما تجاوزته على حدّ سواء. إنّ هذه التجربة لن تبدو لك زاخمة وحافلةً ودافئة في الوقت الذي تُدوّن فيه، لكنّها ستبدو كذلك بعدها. ربّما بعد أشهرٍ وربّما بعد سنين، لكنّك ستكون شديد الإمتنان للعشر دقائق الذين اقتصصتهم من وقت راحتك لتضعهم في المقابل داخل أجندة ستحمل لك السنين في طيّاتها.
-
داومتُ على الكتابة بشكلٍ صارمٍ ومقرّب لقلبي، كل ليلة، بعد يوم جامعي مُنهِك، وأنا على سريري المهترىء الذي ظلّ يإزّ طوال الثلاث سنين التي عرفته فيهم، أضيء كشّاف الموبايل وأكتبُ. ثم أنام. هكذا استمرّ الأمر حتى توقفت في الفترة التي كان يجب لزاماً عليّ ألا ينفلت من يدي القلم والأجندة، كانت تلك الأيام التي زُرت فيها تونس لشهر، ولشدة انهماكي في التجربة وانتهاك ساعتي البيولوجية كنت أنهار جسدياً أغلب الوقت، فكان النوم أمراً مفاجئاً قد يدقّ النواقيس في أي وقت وأيّما مكان. يمكنني أن أنام على أريكة في غرفة الفتيات، أو في المطعم أو في المترو أو في السيارة أو حتّى وأنا أمام البحر. لا أتذكرُ أنني حظيت بلحظات يوميةٍ منتظمة تُمكنني من الكتابة. وإنني كلما عدتُ بالوراء لأجندة ٢٠١٧ تحسّرت على الفراغ المختبىء خلف الصفحات المكتظة بخطي المتذبذب تبعاً لليوم ونوعية القلم الذي أكتب به، وتمنّيتُ لو استطعت سرقة بضع دقائق من الزمن لكتابة تفاصيل اليوم أو حتى نبذة عامةً عنه وعن ما حدث فيه.
أعتبر كتابة المذكراتِ إرث لا بدّ من حفظه، دليلٌ يمكنك به العودة بالوراء لما كنت عليه، لما مررت به ولما تجاوزته على حدّ سواء. إنّ هذه التجربة لن تبدو لك زاخمة وحافلةً ودافئة في الوقت الذي تُدوّن فيه، لكنّها ستبدو كذلك بعدها. ربّما بعد أشهرٍ وربّما بعد سنين، لكنّك ستكون شديد الإمتنان للعشر دقائق الذين اقتصصتهم من وقت راحتك لتضعهم في المقابل داخل أجندة ستحمل لك السنين في طيّاتها.
-
123/365
تعليقات
إرسال تعليق