128: لقمةٌ مُستساغة
أظنّ أنني بحاجة للإبتعاد، بكل ما أوتيت من قوىً متبقية في عظامي، عليّ الإبتعاد، وأن أندفع بإتجاه العودة إلى الخارج لأن الداخل متورطٌ بشدّة ولأنني لا أجيد الضحك على الذات ولا لعبة الإدعاءات الغبية.
من أنا؟! والله لا أعرفني. مسخٌ لا هويّة لها ولا مبادىء؟ كتلةٌ من جروح متتابعة لم تُشفى بعد ولم يتوقف نزيفها؟ من أنا؟ بتّ لا أتعرّف على ملامحي حتّى كأنني قطعة لزجةٌ من الصلصال، كأنني أجبن من أن أواجه صورتي في المرآة، أجبن من أن أواجه مأساتي، أجبن من أن أصرخ في وجه ذاتي.
بين كل عام وآخر، تنتابني حالة من الخمول تجاه العالم، حتّى تجاه من أحبّهم جميعاً، لا أحبّ أن أرى أحداً ولا أسمع من أحد، انفجارٌ مدوّي في الكون المحيط بسلامي النفسي، تخبّط وتذبذبٌ كأنني إلكترون غير مستقرّ. رحلة عصيبة من البحث عن الذات لكنني دائماً ما كنت أصل، أما الآن فلا قدرة لي حتى على الهرب! من أين جئتُ بهذا الحزن! من أين!!
أقول في قرارة نفسي أنني لا أسامح كل من كان زاداً لهذا الحزن، ثم أتراجع وألوم على نفسي معاتبة من لم يعووا حجم المأساة أو حتّى نسووا أصلها. ولا أعلم أيّ الأمرين أصح، المسامحة أم اللامسامحة؟ وأعود في تلاطم الأسئلة الثقيلة : من أنا؟ هل أسامح الآخرين ونفسي، أم لا أسامح حتّى ينتهي بي الحزن وعدم الرضا؟
فلتظفر بي الحياة الضارية، فأنا لقمتها المستساغة.
-
128/365
تعليقات
إرسال تعليق