135: الغريبة التي بكت..

ليتني تجاوزت ترددي وخوفي وحيائي الذي لا داعي له وذهبت لها لأسألها: " في إيه بس؟" ليتني لم أستسلم لمفاجئة المشهد ولا لضعفي أمام بكائها، ليتني!

وأنا لا أحبّ الندم، بيد أنني أشعر أنه يأخدني معه لعالمه البعيد المظلم ويشدّني من أطراف أصابعي على رمال اليأس والملامة. لا أريد أن أنقاد معه، أريد أن أصرخ في وجه الزمن لكي يعيد نفسه، هذه اللحظة فقط يا أيّها الوقت، هذه اللحظة. لأعود، لتلك المرأة البائسة بوجهها الجميل المعالم الذي علاه الحزن حتى أجهده، سأعود لها لأشاركها المسير في طرقات المشفى الحزينة، والتي تزداد حزناً بعد غروب الشمس الحارّة.

في أقل من الدقيقة، تلاطمتني الأفكار كأنني قارب صغير في عرض البحر يواجه أمواجه العاتية بمفرده، ودخت في دوامة ابتلعتني ما بين : أأكلّمها؟ أم أتركها لحالها؟ كنت خائفة، علّها لا تقدر على محادثة أحد الآن وتريد أن تستفرد بكسرة قلبها لتبكي على راحتها. لم أستطع أن أحدد كيف كان شعورها، فتركتها تختفي من ممر المشفى دون أن أنبس ببنت كلمة. رمقتها نظرةَ " هل الوضع مأساوي؟ " لكنّها لم تردّ جواباً بعينيها. كانتْ منهمكةً في البكاء المُتعَب الوحيد كأنّها تفرّغ ثواقلاً عن قلبها.

تركتها تذهب، تركتها لتختلي ببكائها وفضّلت -حينها- ألا أنضمّ لها في طريقها للصعود إلى حيث لا أعرف تحديداً. يا أيتها الغريبة الحزينة سامحيني، سامحيني لأنني لم أشدّ على يديكِ ولم أربّت على كتفك لأخبرك بأن الأمور ستكون أفضّل وأنّ كل ما يمرّ بك الآن سيكون ابن الماضي، سيكون خلفكِ لا أمامك. أنتِ لم تكوني بمفردك يا أيتها الغريبة الحزينة، ولن تكوني. فلا تحزني 

-


135/365

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

299: يوم في زمن الكورونا

365: خطّ النهاية: حيث ارتاح العدّاء من الركض خلف أحلامه

10: يوميّات: أم حبيبة وأنا