159: " اوعى تنام يا يحيى"
إنّ الأيام التي تُطوى في النوم العميق، أكثر الأيام مُسالمةً، حتى وإن تعكّر صفوها بأحلام مزعجة، فلن تكون أكثر إزعاجاً من الواقع!
" اوعى تنام يا يحيى"، تخيل! أن تُحرم من أسهل وأرخص وأعظم وسيلة هروب في العالم، هل هناك عذابٌ أكثر صعوبة؟ أتذكّر أنني شاهدتُ فيلماً أجنبياً، على ما أتذكّر كان يندرج تحت قائمة أفلام الرعب، كلما أغمضت البطلة عينيها ظهر لها ما تهرب منه، وحدثت أشياء مروعة. فمنعت نفسها من النوم، أصبحت تشرب زجاجات من القهوة، تضرب رأسها في الحائط، تحقن نفسها بمواد طبية تساعدها على الإستيقاظ، المهم، ألّا تنام.
عندما تأتي أيام الأرق، أصاب بالجنون، ويضيق بي صدري كأنني أقف في عزاء، تتطور حالة القلق على العائلة والأحباب حتى ترسم لي خيالات قاسية وأوهام ساذجة، وأحياناً أفقد السيطرة فأرفع سماعة الهاتف على هذا أو ذاك في تمام السادسة صباحاً لأسأل سؤالاً مُختلقاً فقط لأطمئن، وأحياناً في الثانية بعد منتصف الليل، أتصل لأبكي.
الواقع مُقلق للحدّ الذي جعل حُلمي اليوم قلقاً كذلك، أعني لمَ يأتي في حلمي سائق أوبر يحاول لمسي بعد أن انحرف في مسار مختلف! كلها مخاوف واقعية ترتكز في عقلي الباطن، أمورٌ لا أتحدّث عنها كثيراً لكن من الواضح أنها تعرفني وتعيش في عقلي.
الأحلام قد تبدو مزعجة وخانقة ومستحيلة التحمل، لكن بمجرد أن تفتح عينيك، فلا مكان لها. وترتاح، حتى ولو لدقائق معدودة! لكن على أرض الواقع، الأحلام لا تنتهي والكوابيس تكون كوابيساً بالفعل، ويجب عليك حينها أن تواجهها، وتقف قبالتها مفرود البنيان ومستيقظاً تماما واعياً بكل ما يحدث، فـ " اوعى تنام يا يحيى".
-
159/365
تعليقات
إرسال تعليق