163: كأنّك وصلت..

أتعجّب حقيقةً لمَ تبدو نجاحات أصداقئنا وأفراد عائلاتنا وأحباؤنا جزءٌ أصيل من نجاحاتنا الشخصية، كأنها انبعاثاتٌ دوريّة من لحظاتنا الشخصية للوصول، أو تفرّعاتٌ جانبية من طريقنا الذي نمشيه. إحساس منفلتٌ منك كأنّه لك وكأنّه خاصتك.

وأتساؤل كيف لأناس أن ينظروا بعين كارهة لأحدٍ وصل، واستحقّ فعلاً وصوله. كيف تطاوعهم أفئدتهم ألّا يشعروا بالسعادة ويتشاركوا معه المشهد والحالة والإحساس. كيف؟! كيف لهم ألا يجلسوا على أطراف الصورة فقط ليصفّقوا له؟!

لكنْ، لا يهمّ، هؤلاء غير مهمّين على الإطلاق، المهم طاقة الحبّ التي تتفجّر في لحظاتِ النجاح كما تتفجر في لحظات الحزن، وفجأة تُبصر الأمل، يتراءى لكَ نوراً يسير باتجاهك أو يجذبك باتجاهه، لا يهم من يسير باتجاه من المهم أنكما تتحركان لبعضكما البعض. 

لعبةٌ بسيطة بين الأولويات، المهم فالأهم، واللايهم، في لحظة النجاح ستتشارك دنياك مع الأهم، لن تُبالي لمن يستنكر لحظتك، لن تلتفت حولك لمن يستصغر حجم ما وصلت إليه، لن تسمع فعلاً صوت أحدٍ ممن ضحكوا عليك أو أتعبوك فتعبت، لن تجد لحظة في خضمّ النجاح لهؤلاء، لأنّك ستكون مُحاطاً من داخلك بمن كانوا هنا لأجلك، من مجّدوا ما تملك ومن رؤوا ما لم يرهُ سواهم. في تلك اللحظة الهائلة ستتشارك الوقت، الثواني واللحظات التي لا تعود سوى بالذكرى، فقط مع الأهم.

نجاحاتُ من نحبهم ليست قصة سريعة ولا قصيرة، إنّها روايةٌ طويلة لها فصولٌ وكواليس ومسودّات، تماماً كما هي نجاحاتنا.  وهي جزء من الصبر والسعادة والحزن والمشاركة والمساندة وجزء من تكويننا. وقد يكون هذا ما يهوّن على الإنسان أيام جفاءِ إنجازاته، أو تعثّر وصوله، يكفيه أن ينظر لعيون من يحبّهم فيجد فيها السعادة والتلهّف للحياة. 
هُم فعلوها، وهذا يكفي للآن.

-

163/365

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

299: يوم في زمن الكورونا

365: خطّ النهاية: حيث ارتاح العدّاء من الركض خلف أحلامه

10: يوميّات: أم حبيبة وأنا