172: استحِ بربّك يا رجل!

لماذا يُصرّ الرجل المصريّ على تصدير صورته الحقيقيّة إلى العالم؟ لماذا لا يكتفي بما نُعانيه نحن من انعدام قدرته على السيطرة على شهواته ليُصدر للآخرين سذاجته وضيق فِكره! استحِ بربّك فالناس خارج هذي الديار يعدّونك أيّ شيء سوى الإنسان.

لا أميل لتوبيخ الرجال رغم نسويّتي المعروفة، لكنني أتساءل بصدق لمَ يستلذّ رجال بلادنا في إخبار العالم أنّهم لم يتعلّموا في المدارس ما هي أساسيات الأدب وكيفية معاملة الأنثى بكل عنجهية فارغة! يمارسون وقاحتهم بكل سلام ورضا، بل ويجدون لكل تلك التراهات تبريراً. في عالم رجال بلادنا، دائماً ثمّة تبرير لا يدين إلا المرأة. ولن أعيد على مسامعكم خيط المبرراتية الذي ينسل خيطاً خيطاً لأنّكم مصريون وتعرفون جيّداً ما يُقال. ورغم محاولاتنا لستر هذا و" الرضا بقليلنا" حتى ينفخ الله في صورهم أصرّوا هم أن يكشفوا الستر عنهم ليقولوها بالفم العريض تحت بطانةٍ من النكات الجنسية والتجاوزات السافهة: نحنُ نحتقر النساء.

إن لم تكن قادراً على مشاهدة الآخرين يمارسون حريتهم فقط لأنّك لا تستطيع الوصول لحرّيتك، فحريّ بكِ أن تلزم الهدوء وأن يعتريك خجل شديد، خجلٌ يجعلك تشاهد ما يحدث بتوقٍ وتطلعٍ وتمنّي كمن يتطلع لنجمة في السماء. هل رأيت شخصاً يسخر من نجمة يوماً ما؟! 

لن أخلط الأمور، ولن أتطرّق للتحرشّ الذي تعرّضت له كل فتاة هنا، ولن أعرض لكم عدد التبريرات التي قد تعايشها فتاةٌ قررت أن تخلع " الطرحة " أو حتى تمشي في الشارع بمفردها كما يحلو لها أو حتى تأكل في مطعم كما تشتهي وتضحك بأي صوت تحبه. لن أتطرق لكل هذا رغم أنّه مترابط ومنطقي. لن أكون نسوية لمجرد كوني نسوية، سأكون إنسانة فحسب. يحتاج الرجل المصريّ الذي يُفكّر بأعضائه الذكورية لا عقله أن يهدأ قليلاً وينظر حوله، ليجد أنّه الأضيق فكراً والأكثر تبريراً ونكاته عادةً غير لائقة ولا تعبّر عن ذرةٍ من إنسانيّته. وأنّه بكامل قوّته لا يملك قوةً على أحد، وأنّه إن كان يدّعي القوامة فليقوّم بلاده الواقعة في أسفل السافلين بدل أن يتوجه لأسفل الأسفلين هو. 

-

172/365

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

299: يوم في زمن الكورونا

365: خطّ النهاية: حيث ارتاح العدّاء من الركض خلف أحلامه

10: يوميّات: أم حبيبة وأنا