151: خمسة وعشرون شمعة.

يقولون أنني أتممت عامي الخامس والعشرين، أما أنا فأنظر للشمعة التي تتوسط كعكة عيد الميلاد، فيصيبني ذهول عجيب. ما زلت أتذكّر كيف كنتُ أنظر لهذا الرقم عندما كنت أربط الضفائر وأجول الشوارع كالباعة الجائلين، ما زلت أتذكّر كم كان الرقم ضخماً وبعيداً، إنّه رقم " الكبار"، ثمّ ها أنا ذا، أصبحت " الكبار".

أكاد أجزم أننا سنتشارك أنا وأنت يا من تقرأُ هذه السطور الآن الشعور ذاته، وهو أننا لا نصل في الوقت الذي نعتقد فيه سذاجةً بأنه سيكون ميعاد الوصول، سيكون الوقت الذي وصلنا فيه مجرد ترانزيت، ميعاد يتوسط الإنطلاق والوصول، ميعاد ليس شبيهاً بما ظنناه ولكنّه كذلك ليس مختلفاً تماماً. في وعيي الصغير كنت أجد في الخامسة والعشرين تتويجُ المساعي، أعني كنت أرى أنني في وقتها سأكون دكتورة، عندي طفلان، زوجٌ رهيب خارق القوى، أعيشُ في شقتنا الرائعة. كان العالم المثاليّ ذاك متمثّل في السنين الخمسة والعشرين. ثمّ، ككل الأشياء، حدث أن تصادم الوعيي الطفوليّ هذا بسرعة الحياة وتغيير الواقع، وشهدتُ على مرحلة انتقالية للعالم تحوّل فيها من الورقيّ السلكيّ للإفتراضيّ الوهمي. وبدت الأحلام الصغيرة قابلة للتحقيق، والكبيرة مُحتملة، وشُيّد للإنجازات الضئيلة تماثيل، ونُصّب للفارغين عيونٌ ملأى بالإعجاب والإنبهار لتنظر لهم كلما خفتَ بريقهم. فلم تعد الخامسة والعشرون كما صُوّر لها أن تبدو، تحديداً في خيالي.

أستغرب لمَ كتبتُ اليوم عن يوم ميلادي في يوم ميلادي! كمْ هو أمر متوقع وشائع! لكنني انسقتُ خلف ما شعرتُ أنني أريد فعله، دون تفكير كثير.
لا أريد للعام القادم أن يكون حول الكثير من التضحيات مجدداً، أريد له أن يكون لي، وأن يكون رقيقاً مُسالماً، يحملني، لا أن أحمله على كتفي، أريده أن يكون عامٌ حزنه ليس بعمق روحي، وفرحه باندفاعة صاروخ نحو السماء. أريد وأريد ثم تأتي " كنْ فيكون " فيكون ما تريد أو لا يكون.

-


151/365

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

299: يوم في زمن الكورونا

365: خطّ النهاية: حيث ارتاح العدّاء من الركض خلف أحلامه

10: يوميّات: أم حبيبة وأنا