183: أتنصفني؟!

عزيزي الإنسان، هل يكفيك مئة وثلاثة وثمانون يوماً لكي أُقنعك أنك كائنٌ مظلوم وبائس وتحمل ما أبت الأرض والجيال والسماء أن تحملنه على عاتقها؟ لأنني أشعر أنني أشبعتك بالكثير من البؤس والثقل والأسى. ولا عجب أنّه بإمكانك أن تتخيّل من أيّ زاوية أنظرُ إلى الدنيا من خلال هذه المدوّنة الماكرة!

لا أُخفيكم سرّاً، أنا أحاول أن أهرب من ذاتي. ففي كل مرة نظرتُ لها مطوّلاً أدركتُ كمّ الأذى، وعمق الوحل الذي أغرقتها فيه. في كل مرّة أتألم كمرّتي الأولى، وأُفجع من كمّ الجروح النازفة التي غَضّيت عنها الطرف حتى تراءى لي أنها التأمت بمفردها، بيد أنّها ما زالت دافئة وليّنة.

هذه نفسي التي تقبع في داخلي، مكوّرة على بعضها، تُصدّر الأشواك كقنفذ بينما لها قلب نابض وكيانٌ ليس بقاسٍ أو مؤذٍ، أو هكذا أحسبها. يمكنني الضحك، ويمكنني قضاء وقتٍ ممتع فعلاً، ويمكنني الإندماج في زحمة الأيام فلا أنظر لما هو أبعد من هيئتي في المرآة، لكن فجأة، تتفتح زهور الشوكران السامّة وتحلّ لعنة عليّ، فلا أعود قادرةً على أيّ من ذلك، وألجأ لنفسي، نعم تلك المّثقبة بالجروح التي لم تبرد وبالطرق المُقفلة مؤقتاً لجُبن صاحبتها من دخولها. وألجأ لها.

أتنصفني؟ لا أظنّ..

-

183/365

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

299: يوم في زمن الكورونا

365: خطّ النهاية: حيث ارتاح العدّاء من الركض خلف أحلامه

10: يوميّات: أم حبيبة وأنا