198: ما وراء الكتابة، بقليل
إنّ علاقتي بالكتابة علاقة شخصيّة وإنْ شاركني فيها آخرون، ورغم أنّ الكتابة فعل جماعيّ يدمج عالمان أحدهما وهميّ والآخرُ يسبح في محيط الواقع، إلا أنها تمتاز بخصوصية ما وراء الكتابة لصاحبها نفسه. ولذلك دائمًا ما تأسرني السير الذاتيّة دون غيرها، غموضٌ تكشّف فجأةً، سِيتار شُدَّ وانجلى عنه مشهدٌ صغير يدورُ في الكواليس لا يعرفُ أصحابه أنّهم على المسرح على مرأى الجميع بكامل صدقهم وبقصّة كاملة.
أتذكّر القصيدة الأولى التي كتبتها في الصفّ الرابع الإبتدائي، وهو زمانٌ عجيب للتذكّر، بل وفعل الكتابة ذاته في هذه الفترة كانت له أبعادٌ أخرى، المهم أنني كنت أكتب الشعر. عندما فكرت في إلقاء القصيدة كنتُ شديدة الإحتفاء بها، ولم أهتزّ لا خوفًا ولا قلقًا قُبيل إلقائه، بدأتُ القصيدة بثقة تمامًا كتلك التي أنهيتها بها. ولأُدخلكم عقلي حينها، كنتُ أنتظر التصفيق.
منذُ يومين، كنت بصحبة بعض الأصدقاء، وقالت إحداهنّ في سياق الحديث: " أنا معتزّة جدًا بنفسي ". وبينما كنت أنا في فترة ما بعد الثانوية وصولاً لهذا العام، تلاقفتني التوهة والشكوك والظنون حول نفسي، ثمّ، فجأة، شعرتُ بذات البريق والثقة والإحتفاء لمّا سمعتها تقول جملة الإعتزاز تلك؛ لأنني أشاركها الشعور، نعم أنا معتزّة بنفسي.
لستُ كاتبة، لا أُسمّي نفسي ألقابًا إبداعيةً في العموم، لكن الكتابة كانت اعتزازي، كنتُ أعتزّ بتلك اللحظة التنويريّة التي أُمسك فيها ميكروفونًا لأعبّر عن نفسي، ثم أخجل، أخجلُ تمامًا وأودّ لو أختبىء لأن ثمّة من يتشاركني في نفسي. كيف لي أن أنسى نظرة المعرفة تلك في عيونهم، كأنّهم يقرؤون أفكاري بينما أهديتهم أنا أفكاري على طبق من ذهب!
قال لي صديق مرّة: سيأتي عليكِ زمانٌ تستخدمين فيه اللغة للتعبير دون التعبير عن نفسك، إلا أنك ستعبّرين عن نفسك من خلالها"، وكأنني سأعبر عن نفسي من خلال أنفس أخرى، وعن ذاتي دون أن تكون تلك ذاتي، ربّما ذاتُ قطّة أو أسفلتٌ حزين. وأكمل: " أحياناً اللغة بتكون وسيلة للوضوح، وأحيانًا، بتكون وسيلة للغموض كذلك". وفي كل أحوالها، هي وسيلتي.
-
198/365
أتذكّر القصيدة الأولى التي كتبتها في الصفّ الرابع الإبتدائي، وهو زمانٌ عجيب للتذكّر، بل وفعل الكتابة ذاته في هذه الفترة كانت له أبعادٌ أخرى، المهم أنني كنت أكتب الشعر. عندما فكرت في إلقاء القصيدة كنتُ شديدة الإحتفاء بها، ولم أهتزّ لا خوفًا ولا قلقًا قُبيل إلقائه، بدأتُ القصيدة بثقة تمامًا كتلك التي أنهيتها بها. ولأُدخلكم عقلي حينها، كنتُ أنتظر التصفيق.
منذُ يومين، كنت بصحبة بعض الأصدقاء، وقالت إحداهنّ في سياق الحديث: " أنا معتزّة جدًا بنفسي ". وبينما كنت أنا في فترة ما بعد الثانوية وصولاً لهذا العام، تلاقفتني التوهة والشكوك والظنون حول نفسي، ثمّ، فجأة، شعرتُ بذات البريق والثقة والإحتفاء لمّا سمعتها تقول جملة الإعتزاز تلك؛ لأنني أشاركها الشعور، نعم أنا معتزّة بنفسي.
لستُ كاتبة، لا أُسمّي نفسي ألقابًا إبداعيةً في العموم، لكن الكتابة كانت اعتزازي، كنتُ أعتزّ بتلك اللحظة التنويريّة التي أُمسك فيها ميكروفونًا لأعبّر عن نفسي، ثم أخجل، أخجلُ تمامًا وأودّ لو أختبىء لأن ثمّة من يتشاركني في نفسي. كيف لي أن أنسى نظرة المعرفة تلك في عيونهم، كأنّهم يقرؤون أفكاري بينما أهديتهم أنا أفكاري على طبق من ذهب!
قال لي صديق مرّة: سيأتي عليكِ زمانٌ تستخدمين فيه اللغة للتعبير دون التعبير عن نفسك، إلا أنك ستعبّرين عن نفسك من خلالها"، وكأنني سأعبر عن نفسي من خلال أنفس أخرى، وعن ذاتي دون أن تكون تلك ذاتي، ربّما ذاتُ قطّة أو أسفلتٌ حزين. وأكمل: " أحياناً اللغة بتكون وسيلة للوضوح، وأحيانًا، بتكون وسيلة للغموض كذلك". وفي كل أحوالها، هي وسيلتي.
-
198/365
تعليقات
إرسال تعليق