201: شاكوش الكبرياء.
الحياة بتكمّل بعدنا عادي، ودي أكتر حاجة تكسر كبريائنا الوهميّ. مش لإننا عرفنا مقامنا الحقيقي في الكون الواسع، بس لإننا شهِدنا الأمر بأم أعيننا، وشفنا الكبرياء وهو بيتهاوى على الأرض لفتافيت صغيرة جدًا، ومعرفناش نلمّه أو حتى نمنع نفسنا نتفرّج عليه وهو في طريقه للهاوية.
في كل مرة بنفتكر إننا لا نُقهر وإنّ محدش ممكن يملى الفراغ اللي بنستغله في الكوكب وإنّ ولا حد في العالم ممكن يستبدلنا، بنكتشف إنّ ده كلام مش دقيق خالص، على الإطلاق. العالم خسر عُلماء كتير وعُظام الكام سنة اللي فاتوا والعالم مكمّل اكتشافات مُذهلة كُل يوم.
أنا شايفة إنّ مهما كنت عامود من عواميد العالم بتاعك أو بتاع اللي حواليك أو حتّى العالم الواسع وكنت مُدرك فكرة الموت، هتتعامل معاها بردو على إنّها " شاكوش" لكبرياء وجودك وحضورك في العالم.
في كل مرة بسمع فيها حد بيقول " أنا غضبانة جدًا من العالم "، بعتبرها الجزء الأول بس لجملة " أنا غضبانة جدًا من العالم عشان كسر كبريائي بدون حول منّي ولا قوّة".
كنت بقرأ كتاب " طعام.. صلاة.. حبّ " وخلّصت التلت الأول منه، وحسيت بالفضول تجاه الكاتبة اللي شفت فيلمها المأخوذ من الرواية وحسيت معاها برابطة ما، زي إنّي كل ما بقرا سطر بقول " دي أنا! "، " أيوه أيوه أنا عارفة قصدِك " وبمنتهى الهبل بكلم إليزابيث في الكتاب. لما سابت ديڤيد قلتلها " حاسة بيكِ بس كان لازم تعملي كده!"، لما إيڤا كل مرة كانت تنقذ حياتها بالكلام الصحّ كنت بقوللها " هما دول الصحاب!". ولما دوّرت، عرفت إنّ إليزابيث اللي كتبت كتاب في رحلة طويلة من البحث عن الحبّ سابت جوزها وارتبطت بصديقة عمرها في نهاية الأمر: إيڤا. واللي اسمها الحقيقي أصلاً رايا إلياس، وللأسف ماتت بسبب سرطان البنكرياس والكبد من سنة تقريباً. ولو إنّ الجزء الأول من الخبر كنت عارفاه بسبب انبهار الناس بيه على السوشيال ميديا لكن مش فاكرة إني اتخبطت في الجزء التاني من الخبر ده أبدًا في مكانٍ ما.
للأسف لما عرفت إنّ إيڤا - أو رايا - اللي موجودة بكل حكمة ورقي ورأفة في الكتاب مبقيتش موجودة خلاص، حسّيت بضيقة، زي كلّ مرة بمسك فيها كتاب لرضوى عاشور بالضبط. ومستغربة، زي دايمًا، عالم إليزابيث كمّل بعد رايا عشان لازم يكمّل، رغم إنّها الصديقة الأقرب والحبيبة وكمان مُلهمة لكاتبة كتبت كتاب حنون زي " طعام.. صلاة .. حبّ"! إحنا هنكمّل عادي وإحنا عارفين إنّ " لكل المقهورين أجنحة " آخر حاجة كتبتها إيدين رضوى، وإن عدد كتب نجيب محفوظ مستحيل يزيدوا واحد بعد النهاردة ولا بعد مية سنة حتّى.
في كتاب الجنوبي، عبلة الرويني كانت بتحكي عن كبرياء وصلادة أمل دُنقل، لإنّه صعيدي على المستوى الأول ولإنّه شاعر حقّ على المستوى التاني، وإنّه طوال رحلة مرضه دي مبكاش، غير على طفل صغيّر اسمه كريم عنده أربع سنين كان معاه في معهد الأورام، نشأت بينهم صداقة على غير طبيعة أمل الصعبة، وكتبت عبلة على لسان دنقل ؛" ما الذي جناه طفلٌ في الرابعة من عمره ليسكنه هذا العذاب؟ ويذوب خليةً بعد أخرى ؟"، حسّ إن صلادته الصعيدية وكبريائه الشِعري ما أسعفوش يساعد طفل في مواجهة المرض، ومات.
كل الخسارات الفادحة اللي بيواجهها العالم يوميًا، وكل الإنتهاكات الشديدة في حقّ غرور البني آدم واعتزازه بنفسه، بتعدّي بشكل سلس ومتسلسل عادي. لإنّ الحياة بتكمّل. دايمًا.
حاول تصدّق إنّه يُمكن استبدالك عشان لما كبرياءك يتحطّم، متتفاجئش وتزعل زي كل مرة، لإنّ هو ده بالضبط اللي هيحصل كل مرّة.
-
201/365
في كل مرة بنفتكر إننا لا نُقهر وإنّ محدش ممكن يملى الفراغ اللي بنستغله في الكوكب وإنّ ولا حد في العالم ممكن يستبدلنا، بنكتشف إنّ ده كلام مش دقيق خالص، على الإطلاق. العالم خسر عُلماء كتير وعُظام الكام سنة اللي فاتوا والعالم مكمّل اكتشافات مُذهلة كُل يوم.
أنا شايفة إنّ مهما كنت عامود من عواميد العالم بتاعك أو بتاع اللي حواليك أو حتّى العالم الواسع وكنت مُدرك فكرة الموت، هتتعامل معاها بردو على إنّها " شاكوش" لكبرياء وجودك وحضورك في العالم.
في كل مرة بسمع فيها حد بيقول " أنا غضبانة جدًا من العالم "، بعتبرها الجزء الأول بس لجملة " أنا غضبانة جدًا من العالم عشان كسر كبريائي بدون حول منّي ولا قوّة".
كنت بقرأ كتاب " طعام.. صلاة.. حبّ " وخلّصت التلت الأول منه، وحسيت بالفضول تجاه الكاتبة اللي شفت فيلمها المأخوذ من الرواية وحسيت معاها برابطة ما، زي إنّي كل ما بقرا سطر بقول " دي أنا! "، " أيوه أيوه أنا عارفة قصدِك " وبمنتهى الهبل بكلم إليزابيث في الكتاب. لما سابت ديڤيد قلتلها " حاسة بيكِ بس كان لازم تعملي كده!"، لما إيڤا كل مرة كانت تنقذ حياتها بالكلام الصحّ كنت بقوللها " هما دول الصحاب!". ولما دوّرت، عرفت إنّ إليزابيث اللي كتبت كتاب في رحلة طويلة من البحث عن الحبّ سابت جوزها وارتبطت بصديقة عمرها في نهاية الأمر: إيڤا. واللي اسمها الحقيقي أصلاً رايا إلياس، وللأسف ماتت بسبب سرطان البنكرياس والكبد من سنة تقريباً. ولو إنّ الجزء الأول من الخبر كنت عارفاه بسبب انبهار الناس بيه على السوشيال ميديا لكن مش فاكرة إني اتخبطت في الجزء التاني من الخبر ده أبدًا في مكانٍ ما.
للأسف لما عرفت إنّ إيڤا - أو رايا - اللي موجودة بكل حكمة ورقي ورأفة في الكتاب مبقيتش موجودة خلاص، حسّيت بضيقة، زي كلّ مرة بمسك فيها كتاب لرضوى عاشور بالضبط. ومستغربة، زي دايمًا، عالم إليزابيث كمّل بعد رايا عشان لازم يكمّل، رغم إنّها الصديقة الأقرب والحبيبة وكمان مُلهمة لكاتبة كتبت كتاب حنون زي " طعام.. صلاة .. حبّ"! إحنا هنكمّل عادي وإحنا عارفين إنّ " لكل المقهورين أجنحة " آخر حاجة كتبتها إيدين رضوى، وإن عدد كتب نجيب محفوظ مستحيل يزيدوا واحد بعد النهاردة ولا بعد مية سنة حتّى.
في كتاب الجنوبي، عبلة الرويني كانت بتحكي عن كبرياء وصلادة أمل دُنقل، لإنّه صعيدي على المستوى الأول ولإنّه شاعر حقّ على المستوى التاني، وإنّه طوال رحلة مرضه دي مبكاش، غير على طفل صغيّر اسمه كريم عنده أربع سنين كان معاه في معهد الأورام، نشأت بينهم صداقة على غير طبيعة أمل الصعبة، وكتبت عبلة على لسان دنقل ؛" ما الذي جناه طفلٌ في الرابعة من عمره ليسكنه هذا العذاب؟ ويذوب خليةً بعد أخرى ؟"، حسّ إن صلادته الصعيدية وكبريائه الشِعري ما أسعفوش يساعد طفل في مواجهة المرض، ومات.
كل الخسارات الفادحة اللي بيواجهها العالم يوميًا، وكل الإنتهاكات الشديدة في حقّ غرور البني آدم واعتزازه بنفسه، بتعدّي بشكل سلس ومتسلسل عادي. لإنّ الحياة بتكمّل. دايمًا.
حاول تصدّق إنّه يُمكن استبدالك عشان لما كبرياءك يتحطّم، متتفاجئش وتزعل زي كل مرة، لإنّ هو ده بالضبط اللي هيحصل كل مرّة.
-
201/365
تعليقات
إرسال تعليق