206: حليبٌ منزوع الدسم

ما هذا الحزن يا الله! حتّى أنني صرت أبحث عن اللحظات التي قد أُصاب فيها بالسعادة علّني أصدّقها، لكنّ شيئًا غريبًا في ذرات الغرفة والهواء المحيط بي يقبض على صدري. أحاول ألا أخاف، أحاول. ممَ أخاف؟ لا أدري. ولذا لا يمكنني التوقف عن الشعور به.

صوتُ ماجدة الرومي يحضر من بعيد، " وأنا متعبةٌ، أنا متعبةٌ "، تقولها بمدّ طويل في الألف مشبّع بنَفَس عميق للداخل، ثم تقطفه بسرعةٍ وهي تعترف بما تشعر به ، متعبةٌ. وأنا أيضّا يا سيّدة ماجدة، وأنا أيضًا. متعبةٌ إلى الحدّ الذي يجعل استكمال هذه المدوّنة الآن عبئًا ثقيلاً أسعى لأن أزيحه عن كاهليّ.

أريدُ أن أتكوّر في سريري، وسط ظلام دامس سوى الضوء الهارب من شفرات الشباك الخشبيّ، أريدُ أن أستيقظ غداً في الساعة الحادية عشر أو الحادية عشر والنصف، أملؤ كوبًا من القهوة الممزوجة بالحليب، والتي تكون دافئة بالمناسبة، أشاهد خطو الناس الصباحيّ الذي أحبّه.
أريدُ أن أبكي، لكن دون أن يعرف أحد، أو أن أُدخل معه في تحقيق مستمر حول الأسباب ومسببينهها، أريدُ أن أبكي دون أن يبكي أحد. وأريدُ أن أعرف ما السرّ وراء هذا الحزن!

في الرابع والعشرين من نوفمبر لعام 2017 كتبت: "
مرض هذا الجيل: الحزن الغير مبرر، النافذ إلى عمق عمق القلب." أما الآن في السادسة والعشرين من نوفمبر لعام 2019 أعيد كتابة الكلمات ذاتها. نحنُ جيلٌ مقصوص الجناح ومنزوع السعادة كنزع الدسم من الحليب! لا يغدو الحليب حليبًا بعد نزع دسمه على أيّة حال. هذا هو حالنا.
-

206/365

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

299: يوم في زمن الكورونا

365: خطّ النهاية: حيث ارتاح العدّاء من الركض خلف أحلامه

10: يوميّات: أم حبيبة وأنا