207: "رحلةٌ إلى العدم"

قال: " الحياة رحلة مُرهِقة إلى العدم " وأنا اعتمدتُها الوصف الأكثر دقّةً للحياة في قاموسيَ الشخصي.

أولًا: رحلة.


باص مواصلات عامة يتنقّل على سطح المريخ، مكدّس بالناس لكن لا أحد في الخارج. الزحمة خانقة حتّى تنغرس الرؤوس في الآباط. الخارج عالم مرعبٌ لا لأنّ أشباح تسكنه ولا فضائيون، بل لأنّه مجهول لا يعرف عنه أحد سوى العلماء والحكماء، أما البُسطاء أمثالنا، فيركبون باص المواصلات العامّة، يتأبطّون رأس أحدهم.


ثانيًا: مُرهِقة.

" لقد خلقنا الإنسان في كَبَد "*. ثمّ  " طوبى للرجلِ الذي يحتملُ التجربة "**. 


ثالثًا: إلى العدم:

النهاية المُضحكة لكل هذا العناء. العدم. وقد تحتملُ النهاية أشكالاً مخبأة وأسراراً لم يشمّ أحد عنها خبر، أسرارٌ قد تغيّر قواعد اللعبة إلى الأبد، ورأساً على عقب تتحول النهاية من الصورة التّي هُيأت لها لصورة جديدة تمامًا لا يُميّزها أحد.
هل العدم مرادف الراحة؟ كيف سنشعر بالراحة إذا انتيهنا أصلاً إلى اللا شيء، لا كيان ولا شعور. وإن انتهى بنا العدم إلى شئ؛ لهيئةٍ جديدة من الهيئات وحياة جديدة من الحيوات، لن نكون نحن نحن، ولن يصيبنا سكون لحظة الراحة،لأن أرقنا وألمنا لن يلازمنا وسيبقى العدم عدمًا فحسب.


ولا أدري، هل ستبدّل الحياة جلودها مع مرور المواسم، هل ستكون أيّ شئ سوى رحلة مرهقة إلى العدم؟!

-

*: سورة البلد ( الآية 4 ) - القرآن الكريم

**: رسالة يعقوب 1: 12 - الكتاب المقدّس

-

2017/365

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

299: يوم في زمن الكورونا

365: خطّ النهاية: حيث ارتاح العدّاء من الركض خلف أحلامه

10: يوميّات: أم حبيبة وأنا