210: محاطون بهنّ..

تحديث: تطوّر علاقتي بإيمان مِرسال وحبّي لها بشكل ملحوظ بدأ يثيرُ قلقي تجاه ما ضاع من السنين دون قراءتها والركض وراء أعمالها بلهثةٍ وشراهة. اليوم لازمتُ البيت لأشاهد ساعتين متواصلتين من لقائها البديع باستضافة بلال فضل في عصير الكتب. ثلاثة أجزاء من الجمال والرقيّ والصدق لا مثيل لهم. انتهى التحديث.
...

" عزيزتي شعلة، علمتُ اليوم أنّه قد جاء دوري للقصاص "  ترنّ في أذني منذ ساعات. لماذا تطاردني رسالة ريحانة جبّاري الآن؟ وإن كان لابدّ لشيء أن يطاردني فهو صوت رضوى عاشور؛ لأنّ اليوم ذكرى وفاة السيّدة، هذه السيّدة الأيقونة. في الثلاثين من نوڤمبر كان يوم ميلاد حزن جديد وتيتّمٌ أدبيّ فقدتُ فيه أمّاً أدبيّة لم أقابلها قطّ سوى من خلال كتبها، والتي بالمناسبة لم تترك صُحبتي طوال تنقلاتي من وإلى المنصورة في سنوات الجامعة، بل وتنقلاتي من المدينة للشقة التي استأجرناها ثم لشقّة جدّتي أحيانًا ثم مرة أخرى للإمارات ثم أعود بها لشقة المنصورة حتّى تستمر في دورانها حول مركزية حياتي المُغتربة الغريبة.

لكن، كل ما أسمعه كصوتٍ ينادي من أسفل رأسي هي جملة ريحانة، التي تنادي فيها شعلة لتخبرها، ها هو اليوم الذي قد حان فيه إعدامي يا أمي.
وما جنته ريحانة، في عالمٍ لا يعامل النساء كاسمها، جريمةٌ لم يغفرها القانون. رغم أن المحافل جميعها ستغفرها، سوى القانون الفاسد الذي تندع من بطونه ديدان قذرة وشرور مُطلقة. رُبما لو سُميّت ريحانة باسمٍ عدى ذاك الإسم الرقيق الذي يملؤ المكان عبقًا ودفئًا، ربّما مثلًا لو سُميت بإسم والدتها "شعلة "، كانت استطاعت أن تحرقهم عن بكرة أبيهم وتسوّي بأجسادهم العطنة التراب. لكنّها لم تكن شعلة، وكانت ريحانة..

نحنُ ملفوفون بكل هؤلاء النساء. فلا خوفٌ علينا. لكن ماذا عنهنّ؟ بماذا يُحاطون هنّ؟ إيمان مرسال التي واجهت في كتابها " عن الأمومة وأشباحهها" أشباح الشعور الفطري بالأمومة وعلاقتها بابنها المُصاب بالأكتئاب في عمر الثانية عشر، ثم رضوى عاشور التي ماتت دون أن تستسلم، حاربت واستمرت في الحرب ضد أعنف وأشدّ الأعداء فتكًا. وأخيرًا ريحانة، التي قابلت مصيرًا ظالمًا لا رجعة فيه رغم أن الكون بأكمله يشاركها الرضا علام أقدمت عليه بيداها. وفوق كل هذا راحت تُنادى المرأة الأهم في حياتها لتقول لها: " عزيزتي شعلة.. الأعزّ عليّ من روحي "، بمَ يحاط هؤلاء؟!

-

210/365

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

299: يوم في زمن الكورونا

365: خطّ النهاية: حيث ارتاح العدّاء من الركض خلف أحلامه

10: يوميّات: أم حبيبة وأنا