216: بطاقة معايدة
في عيد ميلاد ماما، منذ يومين، كتبتُ لها ما رغبتُ في كتابته؛ كلام غير مُزيّن ولا تنبثق منه عاطفةٌ زائدة. وقد يكون لكتاب " عن الأمومة وأشباحهها " دور في هذه الواقعية. الأمومة ليست مثالًا مُنزّهًا، هي جزء من الآدمية كذلك، يمكن لها أن ترتفع ويمكن لها أن تنهار، يمكن لها أن تُحطّمك كذلك فقط لأنك لم تُقابل توقعات العالم منك.
ولأن إيمان مِرسال خاطبتْ صوتًا موجودًا بداخلي، كان يهمهم منذ زمن دون أن يجد آلةً تعزفه ولا إنسانًا يتحدث به حتى كاد أن يتلاشى في الفراغ، حتّى أنّها رمت له الكتاب في متناول يديه، فاختفت وحدته وعلت حِدته وأُحيي من جديد.
وكنتُ أريد أن أعايد ماما بذات الحبّ والواقعية، إنها علاقة كرّ وفرّ رغم هالة الحبّ التي تحيط بها، أردتُ لها أن تعرف أننا نحاول، وهذا أكثر صدقًا من أن ندعي أننا مثالييون. لمَ ننكر أن الجيلين يفصلهما فجوة، فجوة زمنيّة خلقت بالتبعية فجوة فكرية، ورغم كل ما لم نشارك في صناعته بأيدينا، نمد أيدينا باتجاه الآخر لتتلاقى.
"ماما عيد ميلادها بكره، ويمكن عشان أنا وهي ناقر ونقير دايمًا مش بتجيلي فرصة أقوللها قد إيه بحبّها وقدّ إيه هي ستّ مُضحيّة، ودي نقطة أنا وهي مختلفين فيها وأخشى إنّها ورثتهالي بالدم مع هالاتي السودا.
أنا مبعدّش إنتِ بقى عندك كام سنة يا ماما عشان بخاف أعرف، وبحبّ طول الوقت أعتبرك الشمس، والشمس بتشرق كل يوم.
من أول ما عرفت العيشة لوحدي وأنا مبقيتش عارفة أعيش في بيت العيلة وفي نفس الوقت مش عارفة أعيش من غيره، ومن أول ما عرفت العيشة لوحدي وإنتِ خايفة عليّا أستحلاها وأكمّل فيها.
مش بحبّك حبّ أسطوري من بتاع الأفلام الهندي عشان ده حبّ زائف، بس بحبّك في كل الحالات، حتّى وأنا وإنتِ متخانقين وزعلانين ومبنتكلمش.
وجودك محلّي البيت، هزارك عامللنا حياة، لما بتزعلي يومين تلاتة محدّش بيعرف يرجّع البيت حيّ زيّك، وبنحسّ بالملل المُطلق وكإنّ البيت دِبل، بابا لما بتسافري محدش بيسمعله صوت. كل حاجة بتدور حواليكِ بدون وعي مننا الحقيقة.
كل سنة وإنتِ طيبة يا ماما، وبقالي زمان مكتبتلكيش حاجة، ومقولتلكيش حاجة، ومعبرتلكيش بحاجة، يمكن عشان الفجوات اللي بيننا بتكبر مع الوقت وبنحاول نلاقيلنا أرض وسيط لسدّها، بس كل ده مالوش أدنى علاقة بمدى صدق وقوّة حبّي ليكِ.
شكرًا يا ماما على كل حاجة بتعمليها، يا ريت تخففيلنا القلق شوية بس والنبي ورانا مشاوير محتاجة تتعمل :')"
-
216/365
تعليقات
إرسال تعليق