218: لكيّ تجرّب الموت يجب أن تعيش أولًا

في رحلة اكتشاف الذات، لا شيء أكثر تكلفةً من التجربة. ودون التجربة لما عرفنا من نحنُ فعلًا وإلى أين نريدُ لها أن تتجه. حتى وإن أردنا لها التوّجه إلى الهاوية، فهذا ما آلت إيه تجاربنا.

يقفُ الدين والأهل والمجتمع ضدّ الفرصة التي تجعلك مخوّلًا لأنّ تُجرّب، ولا يحبّ أحدٌ أن يترك لك رحلة استكشافية في الذات، بل يأطّرونك بالخطوط والنقاط والزوايا وبعضهم يرسم لك اللوحة كاملة.
إنّ الحياة في مخزونها تحمل القسوة التي تخطط الهروب منها، لكنّك ستفشل في ذلك لأنّ التجربة ستلاحقك، ستلاحقك كيفما هربت وأينما احتميت. لا شيء، ولا أحد سيمنع عنك اللحظة الأولى التي ستجرّب فيها خسارة والديك، ولا أحد سيرفع عنك تجربة خلع ضرس أو حتى خلع قلب، ولن يرأف بك العدل إن كُتب عليك الظلم. لن يطبطب على كتفك أحد عندما تفشل قصة حبّك الأول، ولن تلتئم جروحك بخيوط أحد، ستكون أنتَ جرّاحك الأعظم.

لمَ لا نعيش الحياة إذًا كما يجب إن كان لا بدّ للقسوة أن تشقّ مسلكًا إلينا، على الأقل، سنكون قابلنا الوجه الآخر للحياة في خضمَ كل هذا، وجهٌ فيه لحظاتٌ دافئة وسعيدة أو حتّى جديدة، إلى أن نقابل الموت، نحمل على أكتافنا خلاصة ما جمعنا وواجهنا وتعلمنا وأخطأنا وأفلحنا. خلاصة ما جمعنا من أوزارنا. لمَ لا نعيش كما يجب؟ حتَى نموت كما يجب؟

-

218/365

تعليقات

  1. I’ve been always amazed by how writers are able to write what i feel in an eloquent way that i can’t even describe .myself
    Ps: Love the blog and your 365 days of writing , hope more will come ISA 💚

    ردحذف
    الردود
    1. شكرًا أوي! ❤️ أنا مش مصدقة إن اتكتبلي كومنت بعد البلوج بتلات سنين، شكرًا على ده.
      ومبسوطة أوي إني كتبت شئ يشبه شعورك.
      كل المحبّة!

      حذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

299: يوم في زمن الكورونا

365: خطّ النهاية: حيث ارتاح العدّاء من الركض خلف أحلامه

10: يوميّات: أم حبيبة وأنا