222: النُبل وأشياءٌ أخرى..
إلى الآن -ورغم امتناني لمن حمل جسد القطة الميّتة- أتعجب كيف فعلها! ولأنني لا أملك هكذا قدرة فإنني بطبيعة الحال لا أفهمها ولا أفهم من يملكها.
من أين تأتي القوّة أو اللامبالاة لفعل شيء كهذا؟!
إن طبيب الإستقبال الذي كان يستند إلى الحائط، يواجه يوميًا ما لا نحبّ أن نتخيله نحنُ حتّى في المنام، هو شخصٌ نبيلٌ لكنّه مُتألم، وذلك أنّ كل ما نعتقده فعلٌ شُجاع وشهم ونبيل هو في الوجه الحقيقيّ له فعلٌ مقاومٌ للألم، ومقاومٌ للطبيعة الرقيقة في دواخلنا التي تجعلنا ننبطح أمام مشهد دهس قطّة كالمكلومين، أو فعلٌ لامبالي باختراق الألم قدر ما هو مبالي للزوم الشفاء وضرورته.
إنّ عامل النضافة الذي أنقذ عينيك من أذى حتمي، قد آذى نفسه في المقابل. وطبيب الإستقبال الذي تسلّم جسدًا ممزقًا أو قلبًا مُنهكًا متوقفًا هو الآخر سلّم جسده السرير ليلًا، منهكًا وممزقًا على حدّ سواء. رجل المشرحة الذي لا يعرفُ لغةً سوى لغة الأجساد الباردة والدموع المُودّعة الأخيرة، هو الآخر إمّا رقّ قلبه حتى انفجر كنجم في الفضاء أو تسلّط وتجبّر حتى هُيّىء له أنّه يُرسل الأشخاص بيديه إلى الآله.
هذا هو الوجه الآخر للنُبل..
-
222/365
من أين تأتي القوّة أو اللامبالاة لفعل شيء كهذا؟!
إن طبيب الإستقبال الذي كان يستند إلى الحائط، يواجه يوميًا ما لا نحبّ أن نتخيله نحنُ حتّى في المنام، هو شخصٌ نبيلٌ لكنّه مُتألم، وذلك أنّ كل ما نعتقده فعلٌ شُجاع وشهم ونبيل هو في الوجه الحقيقيّ له فعلٌ مقاومٌ للألم، ومقاومٌ للطبيعة الرقيقة في دواخلنا التي تجعلنا ننبطح أمام مشهد دهس قطّة كالمكلومين، أو فعلٌ لامبالي باختراق الألم قدر ما هو مبالي للزوم الشفاء وضرورته.
الرجل الذي يعمل في مشرحة المستشفى، بغيضٌ للغاية. لهُ طول مُزعج يؤرق تركيزك، ولحية بيضاء تنمّ عن إيمانٍ هادىء لكنّها في حقيقة الأمر تلبية لرغبته في إتقان "كيف يجب أن يبدو من يعملون في المشرحة"، وكأنّها صورة لازمة لكل من يعمل في أي مشرحة في العالم أن يتعظ بدروس الله ثمّ تبدو على هيئته الحكمة والبصيرة النافذة. حتّى قابلتُ هذا الرجل، والذي -ببلاهةً- ظنّ أنّ بإمكانه تهديد وترهيب البشر بدعائه. ورغم أنه آخر ما يلمس الجسد قبل الدفن، وأنه يحمل عنك مآساةً حقيقية في تحويل هذه اللحظة التي يتملص الجميع من مسؤوليتها لمسؤولية على عاتقه.، إلا أنّه يثير الريبة والشكّ، أحيانًا أشعر أنه فقد عقله.
إنّ عامل النضافة الذي أنقذ عينيك من أذى حتمي، قد آذى نفسه في المقابل. وطبيب الإستقبال الذي تسلّم جسدًا ممزقًا أو قلبًا مُنهكًا متوقفًا هو الآخر سلّم جسده السرير ليلًا، منهكًا وممزقًا على حدّ سواء. رجل المشرحة الذي لا يعرفُ لغةً سوى لغة الأجساد الباردة والدموع المُودّعة الأخيرة، هو الآخر إمّا رقّ قلبه حتى انفجر كنجم في الفضاء أو تسلّط وتجبّر حتى هُيّىء له أنّه يُرسل الأشخاص بيديه إلى الآله.
هذا هو الوجه الآخر للنُبل..
-
222/365
تعليقات
إرسال تعليق