226: لا راحة إلّا...

هل من شيء قادر على موازاة إحساس البيوت؟

ظللتُ طوال الطريق من مكتبة الكُتب خان القاطنة في دجلة المعادي حتّى وصلت لشقّة صديقتي الموجودة في شارعٍ متفرّع من كورنيش المعادي، لا أتذّكر الأسماء والعناوين بدقة من شدّة انغماسي في القلق، لكنّها باتت أماكن أأتلفها على الأقل، ولم يفلت من أفكاري القلقة شعورٌ متضطرب بالرغبة للعودة إلى المنزل الآن، حتّى أنام على سريري الذي اعتدته واعتادني، أزيل مكياجي وأغسل وجهي في حوض حمامي الذي توطّدت فيما بيننا أواصر عميقة من انعدام الحرج ومشاركة كل الأفكار الجنونية. أنا أتذّكر جيّداً كيف تعلّمت الإذاعة، بل وكنت أُمسك بعلبة شامبو أو حتى مسحوق غسيت لأقرأ مكوناته على جمهوري الوهمّي وأنتظرُ منهم سقفة.

عندما وطئت الشقة انتابني إحساس بالنقص، ظللت أنظر حولي وأقول دون أن أنطق: " في حاجة ناقصة، يا ترى إيه هي؟"، ولم يكن لذلك علاقةٌ بشكل الشقّة أو مدى نظافتها في اللحظة آنذاك أو حتّى عدد ساكنيها، لكنّ روحًا ما، التماعة شهابٌ مسافر اُفتقدت في تلك الليلة.

عندما وصلتُ السرير، وتراءى لجسدي التعب الذي كنتُ أتغاضاه، كِدت أنام وأنا أمسك الموبايل أطمئن أمي أني وصلت. طمأنتها فهدأ فؤادي، لكن لم يسكن، وفكرتُ في غرفتي وبطانيتها وبردها السقيعي المبالغ فيه. تمنيّت لو تمكنت من النوم في بيتي. كل زاوية وكل بقعة وكل فراغ فيها يشعرني بدفء غريب لا أفهمه، لأنني ألِفت هواءها فألفتني، وهذا ردّ جميل ودود.

الآن وبعد أن أصبحتُ في غرفتي تلفني بطانيتي المُحببة، أكتب تدوينتي بعين مغلقة وأخرى نصف مغلقة، تراودني نفسي أن أمدّ إجازتي ليوم آخر ثمّ أتذكّر أنه لا أمل ويجب أن أستيقظ غدًا، الآن أشعر أن بإمكاني النوم، بإمكاني النوم حقًّا.

-

226/365

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

299: يوم في زمن الكورونا

365: خطّ النهاية: حيث ارتاح العدّاء من الركض خلف أحلامه

10: يوميّات: أم حبيبة وأنا