221: الوجه الآخر..
البارحة، رأيتُ مشهدًا أمقُته، بإمكانه تحطيم يومي إلى أجزاء صغيرة مُفتفتة.
يقفُ دكتور الطوارىء الذي أعرفه، مُستندًا إلى الحائط وفي عينيه إنهزامةٌ كالغروب وفي وجهه تيه. لم يكن حتى يقف مع أيٍّ من الحالات و المرضى، بدا و كأنّه يختلي بنفسه على حائط المشفى وتختلي الهموم به على الطرف الآخر.
ثمّ دخلت حالة على سرير الإستقبال، الوقت لا ينتظر أحد، وانتفضت الممرضات والدكاترة النوّاب، وحملوه سريعًا باتجاه العمليّات.
في محاولة لتخيّل فظاعة المشهد لمريض خرج لتوّه من حادث مروّع، وما يواجهه أطباء الإستقبال والطاقم الطبيّ في مجمله يثير في قلبي الشفقة وفي عقلي تشويش بسيط، قطع تفكيري هاجس الآن.
لكم من القلب عطاء لكل هؤلاء؟! لكم من الطمأنينة قسط لكل هؤلاء؟! ولكم من الراحة شبرٌ في غيط التعب الواسع هذا؟!
النُبل في الأخلاق والمشاعر ليس فطريًا، وهو على قدر روعته يقسم الظهر، وكأنّ ذلك الوجه الآخر للعملة. لكن بدايةً سأحكي لكم حكاية سريعة..
إن دهس القطط تحت عجلات السيارات هو الوجه المثالي لفعلٍ قاسٍ ويومٌ ثقيل الظلّ. فلا أتحمّل المشهد ولا أحبّ التدقيق فيه، إلا أنني أجده أمامي بشكلٍ يوميّ كافٍ ليغلق على قلبي الباب بالمفتاح.
عندما عدت اليوم من العمل، وجدتُ قطة ميتة في منتصف الطريق، تنحيّت عنها بلحظة أخيرة، وظللت أشيح عنها بوجهي لا لتقززٍ منها بل لارتباكٍ في أمعائي ألا تُدفن وتكرّم ككل المخلوقات! لمَ تموت مشوّهة ومدهوسة هكذا!
ظلّت الصورة في عيني تتكرر كلما أغلقتها.. حاولت لكنني ما فلحت.
ثمّ في صباح اليوم التالي لم أجدها، وظللتُ أفكّر: من أزالها؟ من هذا الطيب القلب الرقيق الذي أزالها؟ من هذا الذي يواجه المأساة بوجهه ليحمي ظهور الناس من الإنحناء والعيون من الدموع ما استطاع؟
وللحديث بقية
-
221/365
يقفُ دكتور الطوارىء الذي أعرفه، مُستندًا إلى الحائط وفي عينيه إنهزامةٌ كالغروب وفي وجهه تيه. لم يكن حتى يقف مع أيٍّ من الحالات و المرضى، بدا و كأنّه يختلي بنفسه على حائط المشفى وتختلي الهموم به على الطرف الآخر.
ثمّ دخلت حالة على سرير الإستقبال، الوقت لا ينتظر أحد، وانتفضت الممرضات والدكاترة النوّاب، وحملوه سريعًا باتجاه العمليّات.
في محاولة لتخيّل فظاعة المشهد لمريض خرج لتوّه من حادث مروّع، وما يواجهه أطباء الإستقبال والطاقم الطبيّ في مجمله يثير في قلبي الشفقة وفي عقلي تشويش بسيط، قطع تفكيري هاجس الآن.
لكم من القلب عطاء لكل هؤلاء؟! لكم من الطمأنينة قسط لكل هؤلاء؟! ولكم من الراحة شبرٌ في غيط التعب الواسع هذا؟!
النُبل في الأخلاق والمشاعر ليس فطريًا، وهو على قدر روعته يقسم الظهر، وكأنّ ذلك الوجه الآخر للعملة. لكن بدايةً سأحكي لكم حكاية سريعة..
إن دهس القطط تحت عجلات السيارات هو الوجه المثالي لفعلٍ قاسٍ ويومٌ ثقيل الظلّ. فلا أتحمّل المشهد ولا أحبّ التدقيق فيه، إلا أنني أجده أمامي بشكلٍ يوميّ كافٍ ليغلق على قلبي الباب بالمفتاح.
عندما عدت اليوم من العمل، وجدتُ قطة ميتة في منتصف الطريق، تنحيّت عنها بلحظة أخيرة، وظللت أشيح عنها بوجهي لا لتقززٍ منها بل لارتباكٍ في أمعائي ألا تُدفن وتكرّم ككل المخلوقات! لمَ تموت مشوّهة ومدهوسة هكذا!
ظلّت الصورة في عيني تتكرر كلما أغلقتها.. حاولت لكنني ما فلحت.
ثمّ في صباح اليوم التالي لم أجدها، وظللتُ أفكّر: من أزالها؟ من هذا الطيب القلب الرقيق الذي أزالها؟ من هذا الذي يواجه المأساة بوجهه ليحمي ظهور الناس من الإنحناء والعيون من الدموع ما استطاع؟
وللحديث بقية
-
221/365
تعليقات
إرسال تعليق