246: حتّى قنينة الماي!


قد تعتقد أن الجميع يملك شاعرية مشتركة، فتظنّ أن السفر رومانسيّ، والمغامرة تميّز، والحياة لا بأس بهالكن، كلّ يُغني على ليلاه، كلّ يعزف آلته التي يُحبها، لا تأخذ تجاربك من أفواه أحد، خُذها من فاهك أنت.

البارحة، قالت لي صديقتي أنني أنظر لكل شيء فيما هو أبعد من ظاهره، وكأنني أتصل بروحهوأكدّت صديقتي الأخرى: "حتّى قنينة الماي العاديةبِتقدري تقدّري كل إشي حتّى قنينة الماي!"

هذه اللحظة التي تُدرك فيها كم تتعلم من الناس ما لا تتعلّمه في الجامعات، وهو ما أخذته ضمنيًا من السفر، دراسةٌ تُقارب الحياة، علاقاتٌ تساعدك على فهم نفسك قبل أن تفهم الدنيا، تجاربٌ تواجهك بنفسك مثلما تتواجه هي مع نفسها من خلالك.

قابلتُ في مدينة السلط عجوزان جميلان، يجلسان على القهوة في الصباح الباكر يلعبان لعبةً تقليدية قاربت على الإندثار تحت مدّ المدنيّة التكنولوجية والبلايستيشن. جلسا بتحدثان ياندماج وعشق صريح عن المدينة واللعبة وعدد الشباب الذين تناقلت لهم اللعبة من خلالهم. كلما رأيتُ صورتهم رأيت وجهًا جديدًا للحياة. ثمّة تاريخ في الخشب وفي قلوب الناس، وكأنّهم التأريخ بذاته.

ارتباطي بروح الأشياء جعلني أتشرذم وفي ذات الوقت أتغذّى، كأنني بئر عميق. وأقول في نفسي، هل بالفعل أقدر قنينة الماء؟ أم أتأمل فيها لشدة لهاثي وعطشي؟

-

246/365

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

299: يوم في زمن الكورونا

365: خطّ النهاية: حيث ارتاح العدّاء من الركض خلف أحلامه

10: يوميّات: أم حبيبة وأنا