263: عبدالله الحكيم..
يقول عبدالله شوقي في حكمة سريعة -على الواقف-: "أنا مش فارق عندي الرجالة، أنا زعلان على أختي، أصل ولدت كيصيري - أي قيصري- وبطنها مجروحة ".
لم أجد في الطبّ وصفًا أشدّ حنيّة.. بطنها مجروحة. وجعلني ذلك أتذكّر كل مقاطع الڤيديو التي شاهدتها لعمليّة قيصرية، كيف يشقّ المشرط الطبيّ الجلد بحركة متأنية وخاطفة وقبل أن تدرك يتدفق الدم من موضع الشقّ، ثم تليه أدوات دقيقة لتقطع طبقات أبعد في الجلد واللحم ثمّ يظهر الرأس فجأة من شقّ يبدو صغيرًا على رأس، لكنه دقيق للحدّ الذي يُمّكن فيه جسدَ مولود صغير من الإنفلات من خلاله.
وأعلم أنكم تتساؤلون الآن، من هذا الرجل، وقد تشعرون أنكم سمعتم بإسمه في موضع ما، عبدالله شوقي، لكن دعوني أؤكد لكم أنّه شخص مجهول بالنسبة لكم، لكنّه لم يعد -لحسن الحظّ- مجهولًا بالنسبة لي.
وقف عبدالله، ووقفت أنا كذلك، أمام سلّة مهملات سوداء، نُدردش لبضع دقائق، كانت صدفة مُرتبة ما بين بدئي في مبادرة لجمع القمامة من شاطئ بحر مدينتنا وبين تواجده في هذه اللحظة لجمع المخلفات البلاستيكية والكرتون من سلّة القمامة. كنتُ أبحثُ لفترةٍ عن أحد قد يساعد في جمع المخلفات القابلة للتدوير أو ما يمكن الإستفادة منه منها حتّى أضاعف المنفعة، ولكنني رغم البحث المُضني لم أجد بائعًا للروبابيكيا بعد أن فقدت الأمل في العثور على شركة لإعادة التدوير. ثمّ، وجدت هذا الصديق الرائق، الذي يملك ابتسامة عبقرية وعقلًا مُلفتًا للنظر، " أنا مش بفكّر غير في الشغل، بنزل كل يوم من الساعة 7 لبعد الفجر كده، بنزل مش بكلّم حد، بركّز في شغلي وبس. أنا بأمانة مش هاممني الفرح أوي ولا الكلام ده، أنا هاممني الشغل". كان عبدالله في حدود الخامسة عشر وكان سيتوقف عن العمل أسبوعًا لفرح أخيه.
كنتُ أودّ لو قبِل دعوتنا على الشاي، كنت أودّ لو سمح لنا هذا الفتى بالمشاركة أكثر، لو سمح لنا بالتغلغل داخل هذا العقل اللامع خلف ابتسامة جليّة. كنت أودّ لو استمرّ الحديث بعد "لو جيتي ما لقيتينيش تبقى الأرزاق على الله"، كنت أودّ لو استمر الحديث.
-
263/365
لم أجد في الطبّ وصفًا أشدّ حنيّة.. بطنها مجروحة. وجعلني ذلك أتذكّر كل مقاطع الڤيديو التي شاهدتها لعمليّة قيصرية، كيف يشقّ المشرط الطبيّ الجلد بحركة متأنية وخاطفة وقبل أن تدرك يتدفق الدم من موضع الشقّ، ثم تليه أدوات دقيقة لتقطع طبقات أبعد في الجلد واللحم ثمّ يظهر الرأس فجأة من شقّ يبدو صغيرًا على رأس، لكنه دقيق للحدّ الذي يُمّكن فيه جسدَ مولود صغير من الإنفلات من خلاله.
وأعلم أنكم تتساؤلون الآن، من هذا الرجل، وقد تشعرون أنكم سمعتم بإسمه في موضع ما، عبدالله شوقي، لكن دعوني أؤكد لكم أنّه شخص مجهول بالنسبة لكم، لكنّه لم يعد -لحسن الحظّ- مجهولًا بالنسبة لي.
وقف عبدالله، ووقفت أنا كذلك، أمام سلّة مهملات سوداء، نُدردش لبضع دقائق، كانت صدفة مُرتبة ما بين بدئي في مبادرة لجمع القمامة من شاطئ بحر مدينتنا وبين تواجده في هذه اللحظة لجمع المخلفات البلاستيكية والكرتون من سلّة القمامة. كنتُ أبحثُ لفترةٍ عن أحد قد يساعد في جمع المخلفات القابلة للتدوير أو ما يمكن الإستفادة منه منها حتّى أضاعف المنفعة، ولكنني رغم البحث المُضني لم أجد بائعًا للروبابيكيا بعد أن فقدت الأمل في العثور على شركة لإعادة التدوير. ثمّ، وجدت هذا الصديق الرائق، الذي يملك ابتسامة عبقرية وعقلًا مُلفتًا للنظر، " أنا مش بفكّر غير في الشغل، بنزل كل يوم من الساعة 7 لبعد الفجر كده، بنزل مش بكلّم حد، بركّز في شغلي وبس. أنا بأمانة مش هاممني الفرح أوي ولا الكلام ده، أنا هاممني الشغل". كان عبدالله في حدود الخامسة عشر وكان سيتوقف عن العمل أسبوعًا لفرح أخيه.
كنتُ أودّ لو قبِل دعوتنا على الشاي، كنت أودّ لو سمح لنا هذا الفتى بالمشاركة أكثر، لو سمح لنا بالتغلغل داخل هذا العقل اللامع خلف ابتسامة جليّة. كنت أودّ لو استمرّ الحديث بعد "لو جيتي ما لقيتينيش تبقى الأرزاق على الله"، كنت أودّ لو استمر الحديث.
-
263/365
💙💙
ردحذف