275: الميكروباص العجيب..
أحببتُ سائق الميكروباص المنطلق بنا من المدينة لدمياط القديمة، شعرتُ أن به نزعةٌ حقيقيةٌ لتعليمي كيفية جمع الأجرة. ورغم ما علا وجهي من علامات الإستغراب إلا أنني نفذّت ما قاله، قال لي " عدّي دول" فعدّدتهم، قال لي" كام دول" فقلت "خمسين"، زادني قبسًا من العلم فقال" كده نرجّعلهم اتنين جنيه"، فأومأت برأسي كأنني فهمت وقلت " تمام." فنظر لي كأنّه حقق ما أراده، وبدت في عينيه لمحةٌ غريبة من الفخر وظننته سيقول: "أيوه كده عفارم عليكِ" . لم يقُلها.
من مؤخرة الميكروباص أتى صوت طفولي مشاكس، ولثوانٍ من تدقيق السمع تكاثر الصوت وانقسم لثلاثة. " وتجيني، تلاقيني لسا بخيري" بأصواتهم الناعمة التي كانت شديدة الجمال، حتى وهم يغنّون أغنية شعبية كهذي، بدا أن جميع من بالميكروباص مُستمتعين تمامًا. مندمجين راحوا يكملون كل جملة بدقّة تامّة، لا يفوتهم مقطع واحد! العجيب أنّهم استمرّوا طوال الثلاثين دقيقة المقبلة يتمايلون ويرقصون ويغنّون بحفظ متقن لأغلب الأغاني الشعبية الرائجة. ورغم أنّني في العادة قد أنزعج من وضع كهذا، أعني أطفال يغنون أغانٍ لا معنى لها بصوت عالٍ طوال الطريق، لكنني لم أنزعج حينها. علت وجهي ابتسامة بلهاء. لمَاذا أبتسم؟ لا أعلم. لكنّهم أدخلوا سعادة بسيطة لقلبي كنت أشحذها من الحياة. صفّقت لهم عندما تلاقت وجوهنا. كانت بهم سعادة أًحبها، وأتذكّرها في نفسي. وددت لو ضممتهم.
بمجرد أن ارتجلت عن هذا الميكروباص، لم ابتسم ثانية.
-
275/365
من مؤخرة الميكروباص أتى صوت طفولي مشاكس، ولثوانٍ من تدقيق السمع تكاثر الصوت وانقسم لثلاثة. " وتجيني، تلاقيني لسا بخيري" بأصواتهم الناعمة التي كانت شديدة الجمال، حتى وهم يغنّون أغنية شعبية كهذي، بدا أن جميع من بالميكروباص مُستمتعين تمامًا. مندمجين راحوا يكملون كل جملة بدقّة تامّة، لا يفوتهم مقطع واحد! العجيب أنّهم استمرّوا طوال الثلاثين دقيقة المقبلة يتمايلون ويرقصون ويغنّون بحفظ متقن لأغلب الأغاني الشعبية الرائجة. ورغم أنّني في العادة قد أنزعج من وضع كهذا، أعني أطفال يغنون أغانٍ لا معنى لها بصوت عالٍ طوال الطريق، لكنني لم أنزعج حينها. علت وجهي ابتسامة بلهاء. لمَاذا أبتسم؟ لا أعلم. لكنّهم أدخلوا سعادة بسيطة لقلبي كنت أشحذها من الحياة. صفّقت لهم عندما تلاقت وجوهنا. كانت بهم سعادة أًحبها، وأتذكّرها في نفسي. وددت لو ضممتهم.
بمجرد أن ارتجلت عن هذا الميكروباص، لم ابتسم ثانية.
-
275/365
تعليقات
إرسال تعليق