279: كعلقم مرّ، أو أشدّ..

لا أستوعب الموت. ولسبب لا أفهمه، يجعل الفيسبوك الأمر أكثر صعوبة، وأعصى على الإستيعاب.

في كل مرّة صادفت فيها ملّفًّا شخصيًّا مكتوب في أوسطه " Remembering " أي " حتّى نتذكّر " مع وردة صغيرة، أصبت بتنميل مؤلم في قلبي. يتضاعفُ الألم عندما أجدُ طلب صداقة معلّق لم أردّ عليه يومًا بالقبول، ورغم أنه لا يجب عليّ أن أشعر بأيّ نوع من أنوع الذنب لكنني أفكّر في كل الأمور المعلّقة التي كان من الممكن لها أن تنتهي في حياة هذا الذي نتذكّره من خلال ملفّ شخصي على فيسبوك الآن. ماذا عن كل الأمور العالقة في حياتنا نحن الذين ما زلنا على قيّد الحياة، نملكُ رفاهية الشهيق الذي يتبعه الزفير! ماذا عن أمورنا العالقة التي ستظلّ كطلب صداقة أرسل ولم يأتِ الردّ عليه أبدًا. في هذه اللحظات، لا أقبل الصداقة، لا أقوم بأيّ فعل مغاير لما عرفه هذا الشخص قبل أن ينتقل لعالم آخر مجهول، لا أريد أن أكون السبب في أن يفوته أمر ما، أنا لم أحرّك عجلة الحياة من بعدك يا عزيزي، لستُ أخطط للشعور بالذنب أكثر.

اليوم، بكيتُ كطفلة تائهة، فقط عندما قرأتُ ما كتبت صديقة لي:"هردّ على كل الكومنتات بتاعتك اللي ما ردّتش عليها قبل كده" على تعليق والدها الذي كُتب من سنة. فارق أباها الحياة منذ بضعة شهور. أعتقدُ أنني أبكي مجددًا. ياللهول!

" أشعرُ بالذنب لأنني اهتممت بنفسي اليوم، صففتُ شعري ووضعتُ طلاء الأظافر. أشعرُ بالذنب لأن أغنية ما أعجبتني ثمّ عُدت إلى المنزل بمزاج رائق. أشعرُ بالذنب لأنّ كل هذا حدث بعد وفاتك ". ماذا نفعلُ مع الحياة والشعور الرديء هذا؟! بينما لا نملكُ أيّ قوّة لتغيير الواقع يعترينا ندم جديد لمعاودة الحياة وكأننا نملك اختيارًا آخر. نحنُ نأبى أن تتحرك عجلة الحياة بعد من ذهبوا، ونخاف، نخاف أن تتغير المعطيات والمعالم والوجوه بعدهم، فتتلاشى ملامحهم في ذاكرتنا. 


أنا فقط لا أستوعب الموت، فقط لا أستطيع تحليله ولا معالجته، يقف في حلقي كعلقم مرّ، كلما بلعت ريقي باغتتني مرارته.

-

279/365

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

299: يوم في زمن الكورونا

365: خطّ النهاية: حيث ارتاح العدّاء من الركض خلف أحلامه

10: يوميّات: أم حبيبة وأنا