312: في صحّة الأيام العادية..

تدغدغ نهاية العالم أطراف عواطفي المركونة، يقولون: " اكتبوا يومياتكم في زمن الكورونا"، أقول ماذا نكتب؟!

فجأة عدت بالزمن لعام 2013، كنا نقف بثبات أنا وصديقتي أمنية في معمل مادة علم النبات أو الكيمياء العضوية، لا أتذكر، حولنا تتساقط الفتيات في حالات إغماء ووهلع هيسترية، يفترش بعض الأولاد بالطوهاتهم البيضاء ليتضرّعوا لله بالدعاء، كنا نودّ فقط لو نخرج من هذا المعمل الآن. نحنُ محبوسون ولا سبيل للهرب.

كيف لي الكتابة في هذه اللحظات؟ أكتب بشكل متقطّع ورديء.

 " إلى متى سيستمر هذا الأمر؟!" هو السؤال الذي يدور في رأسي كل ليلة، إلى متى سنظل حبيسي الوظيفة الصباحية لأننا أبناء الطاقم الطبي؟ وإلى متى سنظل حبيسي الخوف في الليل لأننا رغبنا الحياة يومًا، إلى متى سيسرح الهسهس في وادينا المُقحف كلما نزعنا ملابسنا القادمة معنا من الخارج؟ إلى متى؟

" إلى متى سيستمر هذا الأمر؟!" هذا تمامًا ما كان يكرره عقلي حينها وأنا أكتب ما يحدث على تويتر لحظة بلحظة، كنت أودّ لو أنزع عني هذا الثبات الفارغ لأستلقي على أرض المعمل كقطرة مطر، لكنني لم أفعل. شعرتُ حينها وكأنّ الإجابة هي : سيستمر للأبد. عندما وصلتُ غرفتي بعد ساعات من الألم، ارتميت في حضن صديقتي كجثة هامدة.

''لماذا يُلِح الحب علينا وقت الحرب؟!"*، هذا ما عرفته اليوم. وكأنني بحاجة لضمّة قويّة وأبديّة. فالآن وحينها، سبع سنوات تفصل اللحظتين إلا أنني شعرتُ أن كلتاهما نهاية العالم، وأن كلتاهما حربٌ شنعاء لن تهدأ إلا بعناق.

اليوم، يتكرر مشهد البالطو الأبيض، الرغبة الخانقة في التمدد على الأرض، البركان الذي لا يُطفؤه سوى العناق الطويل.
اليوم، الحرب تتكرر في مشهدين متماثلين سوى من السبب، إلا أن النتيجة متشابهة. اليوم، تذكّرت أن الأيام العادية، التي لا نتساؤل في آخرها بمُنتهى الشقاء: " إلى متى سيستمر هذا؟!" وتكون الإجابة أي شيء سوى " إلى الأبد!" فهي وربّي أيامٌ استثنائية.


* لقائلها: تميم البرغوثي.

-

312/365

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

299: يوم في زمن الكورونا

365: خطّ النهاية: حيث ارتاح العدّاء من الركض خلف أحلامه

10: يوميّات: أم حبيبة وأنا