317: قلبي.. على قلبي
اليوم، ولا أعني ليلة الخامس والعشرين من مارس، بل أعني نهار ٢٤ مارس ٢٠٢٠ تلقيتُ أخبارًا جيّدة. ورغم هذا، أستلقي الآن على سريري في الساعات الأولى من ليلة الخامس والعشرين أصارع نبضات قلبي وأحارب في الصفوف الأولى في معارك ضارية في رأسي.
لا أسامح هذه الأيام لأنّها جعلتني في مواجهة فردية وجهًا لوجه مع وحدة قلبي. " قلبي.. مع الجمال الذي لم يكتشف نفسه، ومع الأغنيات التي فقدت ذروتها بسبب كلمة في غير موضعها"*، قلبي.. على قلبي.
ركبتُ السيارة وسرتُ شوارع المدينة، هذه الشوارع التي كانت تعجّ بسائقي التوكتوك والموتسيكلات والميكروباصات المجنونة، تقف وحيدة هذه الليلة، كأنّها في الليلة الأولى بعد هجر الحبيب، أو في اللحظة المواتية لصلب المسيح، نعم.. كان الصمت مهيب، كان الصمت بعيد بعيد بعيد، حتى كدت أن أسمع نصل السيوف في جدال ووهج اللهيب في تأهب مستمرّ، نعم هذه أصوات الحرب التي تدور في رأسي..
أعتقدُ أن بي وصمة عميقة الأثر تركتها اللحظات القاسية التي عشتها دون أن أُلقي لها بالًا، بيد أنّها تكالبت عليّ وتركتني كالمحمومة، بالمشاعر لا الكورونا، تركتني كمن انفلت لتوّه من مهبل أمه عاريًا من أيمَا ساتر أو غطاء. اليوم أدرك كل القساوة التي مررتُ بها، دون أن أبخس قوّتي أو ثباتي أو حتى لحظاتي الناعمة. أنا أشعرُ أنني موصومة باللحظات، وهذا ما يؤرقني..
أريدُ أن أعود إلى نفسي، أين الطريق؟ حتمًا سأعرفه بسلاسة حيث لا ازدحام ولا شجار ولا سباب بالأم في الشارع، حيث لا سيّارات تسير عكس الطريق ولا نسوة مجانين يعبرن الطريق كمن يلقين بأجسادهنّ أمام قضبان القطار، ولا صوت بائعي البصل المخصص " للخزين"** ولا كلاكسات تدبّ في شرايينك من كل صوب. لذا أظنّ بعد اختفاء كل هذا، سيبدو الطريق أكثر وضوحًا، أليس كذلك؟!
*: اقتباس من كتاب " لن نصنع الفلك " لبلال علاء، مقطع ٩٩.
**: بصل الخزين: هي كلمة متداولة يستخدمها الباعة للجائلون في مصر، معناها بصل للتخزيين.
-
317/365
لا أسامح هذه الأيام لأنّها جعلتني في مواجهة فردية وجهًا لوجه مع وحدة قلبي. " قلبي.. مع الجمال الذي لم يكتشف نفسه، ومع الأغنيات التي فقدت ذروتها بسبب كلمة في غير موضعها"*، قلبي.. على قلبي.
ركبتُ السيارة وسرتُ شوارع المدينة، هذه الشوارع التي كانت تعجّ بسائقي التوكتوك والموتسيكلات والميكروباصات المجنونة، تقف وحيدة هذه الليلة، كأنّها في الليلة الأولى بعد هجر الحبيب، أو في اللحظة المواتية لصلب المسيح، نعم.. كان الصمت مهيب، كان الصمت بعيد بعيد بعيد، حتى كدت أن أسمع نصل السيوف في جدال ووهج اللهيب في تأهب مستمرّ، نعم هذه أصوات الحرب التي تدور في رأسي..
أعتقدُ أن بي وصمة عميقة الأثر تركتها اللحظات القاسية التي عشتها دون أن أُلقي لها بالًا، بيد أنّها تكالبت عليّ وتركتني كالمحمومة، بالمشاعر لا الكورونا، تركتني كمن انفلت لتوّه من مهبل أمه عاريًا من أيمَا ساتر أو غطاء. اليوم أدرك كل القساوة التي مررتُ بها، دون أن أبخس قوّتي أو ثباتي أو حتى لحظاتي الناعمة. أنا أشعرُ أنني موصومة باللحظات، وهذا ما يؤرقني..
أريدُ أن أعود إلى نفسي، أين الطريق؟ حتمًا سأعرفه بسلاسة حيث لا ازدحام ولا شجار ولا سباب بالأم في الشارع، حيث لا سيّارات تسير عكس الطريق ولا نسوة مجانين يعبرن الطريق كمن يلقين بأجسادهنّ أمام قضبان القطار، ولا صوت بائعي البصل المخصص " للخزين"** ولا كلاكسات تدبّ في شرايينك من كل صوب. لذا أظنّ بعد اختفاء كل هذا، سيبدو الطريق أكثر وضوحًا، أليس كذلك؟!
*: اقتباس من كتاب " لن نصنع الفلك " لبلال علاء، مقطع ٩٩.
**: بصل الخزين: هي كلمة متداولة يستخدمها الباعة للجائلون في مصر، معناها بصل للتخزيين.
-
317/365
تعليقات
إرسال تعليق