343: على طاولة الهِبات، سننتظر..
شاهدتُ فيلم coco مرّة منذ بضع سنوات ثم نسيته، ببالي أحداثٌ مُبهمة عنه لكنني لستُ أتذكّر أيّ تفصيلة عنه. البارحة فقط تذكّرتُ لمَ نسيته، لأنّه ذكّرني كم يجب أن أخاف نسيان كل من رحلوا..
تُريحني تلك النظرية، أنّ من ذهبوا لم يذهبوا تمامًا، وأنّهم كالفراشات البنّية بتنقّلون بأرواحهم ليُلقوا السلام ويطمئنوا على من لهم، تُريحني النظرية رغم صراعها مع العقل البشري، كعلاقة البشر بالأبراج والطوالع الفلكية، وبما أنّ أفكارًا وتكهّناتٍ قد تُطرح من رصد موقع بلوتو بالنسبة إلى زحل ويصدقها بشرٌ في مكانٍ ما حول الأرض فماذا عن أرواح من نحبهم إن بقيت تحيطُ بنا حتّى نشاركهم الونس!
ستتلاشى، إن لم يتذكّرك أحد واضعًا صورتك على طاولة الهبات مُحتفيًا بحياتك معه، متذكّرًا إيّاك كلما مرّ به العمر، ستتلاشى. لربّما يسعى البشر لترك بصمة فقط لكي لا ينساهم أحد، أخشى أن أينشتاين هو الرجل الأوفر حظًا إذًا، أو أم كلثوم.
عمّتى تنقلُ لنا جدّتي عن طريق الطعام، ثم المفارش البيضاء التريكوه، ثم الدعاء الذي يأتي على حين غفلة " الله يرحمها"، أبي ينقل جدّي بملامح الوجه وصورة واحدة، مُعلّقة في بيت عمّتى الكبرى، وهي على الأغلب صورته الوحيدة، الكاميرا تنقل العيون، تنقلّها عبر الأزمان كمرآة، والموسيقى تنقلُ البشر على منطاد هوائي، صديقي ينقل لي أخوه بالنكتة الحزينة والمزحة القاتمة، وصديقتي تنقل لنا أباها بالحفاظ التامّ لذكراه دون أن تستهلكها في القصص والحكايا أيًا كان نوعها وأيًّا كانت المناسبة.
يقولون " إنسي وكملي حياتك"، ونكمل حياتنا رغمًا عن الجميع لكننا لا ننسى. لا ننسى لأننا نريدهم أن يعودوا في كل عام، تصيبهم فرحة الإنتماء إلينا كلما أخبرتهم الموظفة على الباب: " تفضّل، صورتك موجودة على طاولة الهبات"، فيلمسوا الجسر البرتقالي اللامع، ويعودوا..
-
343/365
تُريحني تلك النظرية، أنّ من ذهبوا لم يذهبوا تمامًا، وأنّهم كالفراشات البنّية بتنقّلون بأرواحهم ليُلقوا السلام ويطمئنوا على من لهم، تُريحني النظرية رغم صراعها مع العقل البشري، كعلاقة البشر بالأبراج والطوالع الفلكية، وبما أنّ أفكارًا وتكهّناتٍ قد تُطرح من رصد موقع بلوتو بالنسبة إلى زحل ويصدقها بشرٌ في مكانٍ ما حول الأرض فماذا عن أرواح من نحبهم إن بقيت تحيطُ بنا حتّى نشاركهم الونس!
ستتلاشى، إن لم يتذكّرك أحد واضعًا صورتك على طاولة الهبات مُحتفيًا بحياتك معه، متذكّرًا إيّاك كلما مرّ به العمر، ستتلاشى. لربّما يسعى البشر لترك بصمة فقط لكي لا ينساهم أحد، أخشى أن أينشتاين هو الرجل الأوفر حظًا إذًا، أو أم كلثوم.
عمّتى تنقلُ لنا جدّتي عن طريق الطعام، ثم المفارش البيضاء التريكوه، ثم الدعاء الذي يأتي على حين غفلة " الله يرحمها"، أبي ينقل جدّي بملامح الوجه وصورة واحدة، مُعلّقة في بيت عمّتى الكبرى، وهي على الأغلب صورته الوحيدة، الكاميرا تنقل العيون، تنقلّها عبر الأزمان كمرآة، والموسيقى تنقلُ البشر على منطاد هوائي، صديقي ينقل لي أخوه بالنكتة الحزينة والمزحة القاتمة، وصديقتي تنقل لنا أباها بالحفاظ التامّ لذكراه دون أن تستهلكها في القصص والحكايا أيًا كان نوعها وأيًّا كانت المناسبة.
يقولون " إنسي وكملي حياتك"، ونكمل حياتنا رغمًا عن الجميع لكننا لا ننسى. لا ننسى لأننا نريدهم أن يعودوا في كل عام، تصيبهم فرحة الإنتماء إلينا كلما أخبرتهم الموظفة على الباب: " تفضّل، صورتك موجودة على طاولة الهبات"، فيلمسوا الجسر البرتقالي اللامع، ويعودوا..
-
343/365
تعليقات
إرسال تعليق