349: على الشاهد، كتبنا مقالة..

أسماء كثيرة وأفكار واعدة تسبح في رأسي، والإنتاجية صفر. وهكذا تقرفصت كالجنين ونمت. نمت لأنني أهرب من الأفكار وأهرب من التفكير وأهرب من التفكّر. حتّى أنني أكتب هذه التدوينة بعد يوم، وأظنني قد وصلت للمرحلة التي قد أقبل فيها ضمّات عشوائية في الشارع.

تؤرقني الكتابة عمّن ماتوا، أعني تلك الكتابة المسترسلة الكثيرة الإسهاب، حتّى أن قرائتي الأولى للثورة كانت بعد سنواتِ طوال، بعد أن غطّت التربة على بذرة الثورة الغالية في إصيص تاريخنا المعاصر، ورغم كل ما مضى ما زلتُ أواجه غصّة في القراءة عنها. كيف بمن كتبوا؟

مات ميدو زهير وانهالت المقالات فوق قبره، لماذا نكتب فوق الضريح إن كان الكلام الصريح الآن لا يُسمع؟ ولمَ يدّعي البعض أن أحدًا لم يحتفِ بميدو عندما كان قلبه ينبض بالحياة وكأنّ اسمه ظهر فجأة في كشوفات أهل الأرض! لكنني لا أجد ذلك دقيقًا، كان الإحتفاء بميدو بترديد أغانيه، بتذوّق الجملة البديعة والصورة النادرة واللحظة الثاقبة، كان هذا الإحتفاء وسيظلّ لأنّ الكلمة ثقبٌ في القلب لم يزل يلتئم، ككل مرّة أسمع فيها :" هوّ صحيح، الهوى غلاب؟ معرفش أنا" أو " لا مش أنا اللي أبكي، وأقول عشان خاطري، وأنا ليا حقّ معاك" و "وإن كنت أقدر، أحبّ تاني، هحبّك إنتَ!". إنّ هذا الثقب هو الإحتفاء الحقيقي بميدو زهير حتى وإن لم يبدو ذلك جليَّا حينها، لكنّه حقيقي.

من المقالات التي تُكتب هنا وهناك، تفوح ذات الرائحة، كأنّها العجينة نفسها دون أن يتخيّل أحد أن الإمتناع عن العجن، فقط لهذه الليلة، ربّما يكون الهيئة الأمثل للحزن. 


-

349/365

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

299: يوم في زمن الكورونا

365: خطّ النهاية: حيث ارتاح العدّاء من الركض خلف أحلامه

10: يوميّات: أم حبيبة وأنا