354: المرأة التي راقبتها عدسة واحدة لإحدى عشر عامًا..
![]() |
| نيويورك- 1989 (تصوير: Ted Leyson ) |
إن المرأة التي تتخفّى خلف يديها المعروقتين ونظرتها الواعية لم تكن سوى سيّدة امتهنت التمثيل في بداية القرن الماضي، ثمّ في عمر السادسة والثلاثون قررت أن تعتزل التمثيل وأن تلزم شقّتها البديعة لخمسين عامًا قادمة. ولإحدى عشر عامًا كان المصوّر تيد ليسون هو الباباراتزي الخاص بجريتا، كان ينتظرها خلف الأسوار وفي مواراة من الأشجار حتّى يلحظها تخرج من باب عمارتها القاطنة في 450 شرق شارع 52 بمدينة نيويورك حتى يلتقط لها صورًا عديدة. وعلى رغم محاولات جريتا في بذل الثواني الأولى لخروجها من المنزل في النظر يُمنة ويُسرة، إلا أن ليسون دائمًا ما تمّكن من إيجاد زاوية ما تظهر فيها جاربو، فيضغط على زرار الكاميرا.
إحدى عشر عامًا يراقب ويتلصص ويصور! أليس أمرًا جنونيًا!
![]() |
| تيد ليسون |
![]() |
| باريس- 1982 ( تصوير: Ted Leyson ) |
على إحدى الحوائط عُلّقت لوحة نادرة للفنّان الإيطالي -الراحل مبكّرًا- موديلياني ( Amedeo Modigliani ) والذي تتميّز لوحاته بتعتيم النظرة، كأنّ عيون اللوحات من جرانيت أو أسمنت بارد، لسبب غريب شعرتُ أنّ اللوحات جرّدت من روحها، لأنني لم أتمكّن من الولوج لروح أشخاصها من خلال عيونهم. قد يشعر البعض بالرغبة للبحث عن موديلياني الآن، وهذا ما اعتراني عندما وجدت تلك اللوحة الغريبة في جمالها معلّقة على حائط جريتا، ووجدتُ لرسّامها قصّة حزينة شائقة كقصص روميو وجولييت، ربّما سأذكرها لاحقًا.
تيد ليسون هو جلّ ما أفكّر فيه الآن كلما ذُكرت جريتا جاربو، وللدقّة ذكرت مجلة نيويورك في عددها الصادر في الثاني عشر من مايو 1990 ( أي بعد وفاة جاربو بشهر تقريبًا) كلمة Obsessed، وهي في العربية مهووس.
لقد كان تيد بالفعل مهووسًا للحدّ الذي جعله يلتقط صورتها الأخيرة قبل بوفاتها بأيام من نافذة العربة التي كانت تقلّها يوميًا من شقتها لمستشفى نيويورك حيث كانت تتلقى جلسات العلاج الكيميائي الخاص بها وتعيدها لشقّتها بعد الإنتهاء منها. كيف عاشت هذه المرأة وهي تعرف أنّها ستتعرض للعدسة ذاتها التي ما زالت تتعرض لها لإحدى عشر عامًا! هذا بالنسبة لي أمر عجيب..




تعليقات
إرسال تعليق