356: ميلاد المدوّنة الأول..

هذه المدونة غريبة. نعم. وإنّ جُل ما أخافني عندما فكّرت في تدشين هذه المدوّنة كان انقطاع الكَلم، أن تجفّ مشاعري وأنا أميّل فم إنائي الروحي، أن تتحجر عيوني وأنا أتأمل السماء تركض خلف شبابيك الميكروباص، أن تنتهي بي كل البدايات إذ بدأتْ، وأن تغدو كل النهايات صفحة بيضاء لا نقطة فيها.

ما أنا الآن؟ إسفنجة؟ بصيرة قطّة؟ ندب يتفتّح كل شهر كوردة؟ ما أنا الآن سوى بئر، رواية من ألف صفحة، خبزة كلما ارتفعت فقأتها يد الخبّاز. ما أنا الآن سوى ضحكة متحفظة، وقلبٌ به شقوق لا يسدّها المحيط.

إن كنت أقف في الخامس من مايو من العام الماضي على برج سكني يخترق السحاب، لأنظر إلى الخامس من مايو من هذا العام، لما صدقت ما أراه الآن بأمّ عيني، لما توقفت عن الإشفاق على نفسي، لما دفعْتُني للإستيقاظ من سريري كل صباح، لكنت توقفتُ عن القيام بأفعال كثيرة حتّى لا أصل إلى حيث أنا الآن. أين أنا الآن؟

لا أتذكّر تمامًا كيف تخيّلت هذا اليوم، لأنني اعتبرته تتويجًا للإلتزام لا المدوّنة، وأريد -رغم كل شيء- أن أشعل شمعة عيد ميلاد صغيرة، حتّى يتسنّى لي -وقبل عيد ميلادي- أن أتمنّى أمنية. اليوم، أشعل معكم شمعتي
 الأول، وأُشرككم صورتي التي التقطتها صديقتي على حين غفلة بينما كنت أكتبُ تدويتني الأولى في السيارة قبل الثانية عشر من منتصف الليل.

عيد ميلاد سعيد مدوّنتي العزيزة وقُرائها الأعزّاء. عيد ميلاد سعيد يا نفسي التي لا تعرف أين تحطّ ولا أين المُستقرّ. نعم هذه المدونة غريبة، لكنني أحبّها، ولن أنفكّ عن حبّها ما حييت.


٤ مايو ٢٠١٩، الساعة ١١ مساءً، تصوير العزيزة شيماء خليفة


كُل الحبّ..


-

356/365

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

299: يوم في زمن الكورونا

365: خطّ النهاية: حيث ارتاح العدّاء من الركض خلف أحلامه

10: يوميّات: أم حبيبة وأنا