105: طفلٌ انفلتَ من التعداد السكّاني..

عندما كتبتُ تدوينة " نقطة تفتيش جديدة: لغة برايل " والتي كانت تدوينتي السادسة بالمناسبة، أي منذ ما يقرب من مئة يومٍ مضى! كنتُ أشعرُ بضيقٍ حقيقيّ في الشرايين، والله كأنّ الشعب المؤدية للرئة قد انكمشت وصغر حجمها، فبات مرور الهواء أصعب من مرور السيارات على كوبري أكتوبر في الثانية ظهراً.

ولذلك عندما وددت في تسجيل إحدى تدويناتي وجدتُ في روحي انجذاباً خفيّاً لها، رغم أنني بالفعل قد تناسيت ما جعلتني أشعر به وأنا أكتبها، لكنّ أموراً كتلك حتى وإن نُسيت، تتأرشف. 

لماذا أكتب عن تدوينتي السادسة؟! أعتقد لأن شعوراً ما مُشابهاً دقّ صناديق حزني البارحة، ورغم كامل إدراكي لكل ما يدور حولي، ثمّة جزءٌ حقيقيّ يبهتُ بالتناسي، وأنا على الأغلب تناسيته. لكنني البارحة فقط، أيقظته، بكل عنف وأرق، أمسكت ياقة بيجامته "الكستور" وهززته بكامل قوّتي كإبنٍ يأبى أن يصدق أن من مات بين ذراعيه هو أباه، فيحاول مُستميتاً أن يوقظه ويناديه: " قوم معايا إحنا لازم نروّح، قوم ".

إنّ جسدي، أعني، عظامي ولحمي وجلدي ودمي الساخن الثائر هذا، أمورٌ يمكن أن يراها أو يشعر بها من حولي، أما بعيداً في الأعماق، حيث الروح والعقل والقلب والشيء الذي يتكوّر عالقاً في الحلق كلما كتمت البكاء، هي أمور لي، خاصتي التي لا يطّلع عليها أحد، لا أحذر مما تحتويه ولا أخاف مما تتكون منه، هو عالمي الذي ما دمت لم أنطق به فهو خاملٌ ولم تدبّ فيه الحياة أصلاً، كأنّه جنين في بطن أمّه، لا تحسبه الحكومة فرداً ما لم يصرخ صرخته الأولى فيُدوّن بإسمه وجنسه ووزنه.

لذا، عندما زارني ضيق الشرايين ذاته، وانكماش الشعب وصعوبة التنفس وانحباس البكاء، تذكّرت أنّ جنيني لم يُحسب من تعداد السكّان، لأنني على الأغلب سأظلّ حاملاً فيه إلى الأبد. فحمدتُ الله. ومرّت ليلتي..


-

105/365

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

299: يوم في زمن الكورونا

365: خطّ النهاية: حيث ارتاح العدّاء من الركض خلف أحلامه

10: يوميّات: أم حبيبة وأنا