المشاركات

عرض المشاركات من مارس, 2020

324: مجرّد يوم آخر..

لا أحسن الكتابة اليوم، لذا، سأمتنع عنها كما امتنعت عنّي. تصبحون على خير.. - 324/365

323: لم أجد عنوانًا لذلك..

مرحبًا.. كيف الحال؟ أخشى أن الردود لن تكون متفائلة، وعلى أقل تقدير لن تكون جديدة. هاه، أخبروني، ماذا فعلتم اليوم؟ تنزهتم بين الصالة وغرفة النوم والثلاجة؟ جهّزتم الكيك والشاي بعد الثامنة؟ اشتهيتم برجر ضخم في حدود الرابعة، تمامًا قبل أن تفرد الست الوالدة الغداء على السفرة؟ من يأكل على السفرة أصلًا؟ ماذا فعلتم أيضًا؟ لا شيء؟ لا بأس. هل فكّرتم اليوم في الأرقام التي تقرؤونها هنا وهناك؟ هل هابكم كيف تتحول البشرية لآلافٍ متراكمة؟ هل خذلتكم قواكم النفسيّة فرُحتم ضحايا التفكير الذي لا ينتهي؟ لا بأس. أنا على مساوية متساوية من هذا الشعور الذي يفتك بكم. وأحيانًا، أحتاج للنوم كوسيلتي الوحيدة لتعاطي المخدرات وتباعًا النفصال عن العالم الخارجي. لستُ مدخّنة حتى لأنفث الخوف. ماما تذكّرني بالأذكار وقراءة القرآن في كل ليلة، تقول الممرضة جملة غبية عن آلية الفيروس: "جاي للي في غفلتهم" على ما أعتقد، أو شيئًا من هذا القبيل، وددتُ في صفعها. أحيانًا أفكّر في آلية الفيروس بالفعل، ثم أفكّر ثانيّة في مدى رغبتي بصفع الممرضة مجددًا. هذا الوقت لا يُناسبه الغباء، وهذا الغباء لا يُناسبه هذه الوظائف، وهذه ال...

322: فعلوا، فعلت..

أجبروني أن أتوقّف عن البكاء، قالوا ستهلع العصافير التي على الأغصان، فالتزمت الصمت وارتجافة الشفاه. أخبروني أن أكفّ عن الإرتماء في حضنه كلما رأيته، قالوا أن الحبّ أخزى من الكفر، فربطت ذراعي حول قلبي. أنهكوني بالنكات الثقال فقالوا "اضحكي"، ما ضحكت. أصرّوا " اضحكي"، فضحكت لتسير السفن في مجاريها. آنسوني بالمراسلات المختصرة، والكتب التي تُلتهم في جلسة واحدة، والروائح التي ترقص التانجو في الهواء، ثم رحلوا، فأغلقت خلفهم الباب والشبّاك وجفون العين. نسوني، قالوا لم يعد للأمر بدّ، فزرعت الصبار في صبري ونمت. - 322/365

321: لعنة فكّ الحروف..

هل يجب عليّ أن أهندم كتفي، وأمدّ ذراعي، وأبسط راحتي، لتحط عليه الحمامات التائهات والأجنّة المذعورة؟ أم يجب عليّ أن أتكوّر في صدفة وأختلي بنفسي لفترة من الزمن علّني أنتهي كلؤلؤة بديعة؟  المعرفة قاسية كالفراق. كلما عرفت كلما استدعتك المسؤولية لأداء واجبك تجاهها، أنتَ لا تستطيع أن تفلت من ذلك ولا أن تتحكم فيما سيرميه القدر باتجاهك لأنك محاط بالمعرفة من كل زاوية. أحيانًا أحسد الذين لم يختاروا فكّ الحروف ولا فكّ المشاهد ولا فكّ خلافات العالم، واكتفوا بأسرتهم ذات التنجيد السيء وأرائكهم التي تأزّ أزًّا، فلم ينتبهوا للإنترنت ولا لچورچ بوش ولا لداعش. أحيانًا أحسدهم لأنني رغبت في أن أفكّ الحروف وأعرف دائمًا دون أن أتسبب في انكسار فؤادي وثقل كتفيّ والتواء ذراعي وانقباضة راحتي.. - 321/365

320: ٣٦٠ درجة..

مرحبًا. يبدو أن الأوضاع تزداد سوءًا. أو أن عقلي هو الذي ينهار فيبدو لي العالم هلامًا لا يتماسك مهما أضفنا له من الچيلاتين. المهم، أخبز لأتخلص من قلقي. اليوم حضّرت عجينة مثالية رغم شكوكي تجاه الخميرة، لكنني وثقت في حدسي وأكملت. أتذوّق الآن معجّناتٍ هشة ومقرمشة، يظهر فيها طعم الزعتر البرّي والحبّة السوداء واضحًا كضحكة مخملية لفتاة سمراء. أفكّر، متى ستكون المرة القادمة التي سأتقابل فيها مع أبي وأمي، ومتّى سيمكنني أن أتشارك " البان كيك " أنا وأصدقائي بأيدينا أكواب الشاي بالنعناع وفي أفواهنا قصص خجلى. أستمع لتامر عاشور، أغني معه، أنطرب، وأشتهي أن يصدح صوت بهاء سلطان قريبًا، ربّما غدًا! أشتاق، للأيام العادية. أقوم فأغسل الأطباق، تستمر لنصف ساعة، أضع مساحيق التجميل وأسجّل هذا الهراء لنفسي حتى أضحك لاحقًا، أخبّىء رسائلَ وهميّة وسط صفحات دفتري الذي تميّزه نقشة فلسطينية مُحبّبة، أسجّل بعض الأفكار التي في رأسي لكن دون أن أستخدم أصابعي، أقول لحنجرتي تفضّلي فتتفضَل جديًّا. أفكّر في كل الطرق للإنفلات من العمل اليومين القادمين لأتمدد على الأريكة. لا أتمدد على الأريكة أبدًا. بل أقفز من مكان...

319: إذًا فمن هذي؟!

في كل المساحات التي تتسع حولنا بالتوازي كأنّها أضلاع لمثلث، أقف وحدي في إحدى زواياه لأنظرُ بهلع. هل أجد ضلعًا مساويًا فنغدو مثلثًا ثُنائي الأضلاع أم أتشارك أنا وضلعان آخران المساحة نفسها فنصبح مثلثًا ثلاثيًا لكنه ليس بكامل؟! كل ما أشعر به الآن، أنني أرتجف. بل أرتعد. أبحث عن غطاءٍ دافىء يحتويني. أركض باتجاه صورة لي، احتضنها، أقول بصمت: هذه أنا! ثم ارتدّ لنفسي فأقول: إذًا فمن هذي؟! - 319/365

318: عزيزي..

عزيزي الإنسان، فلتعلم هذا؛ أنتَ متورّط. - بداية الحظر الجزئي ٢٦/مارس/٢٠٢٠- مصر - 318/365

317: قلبي.. على قلبي

اليوم، ولا أعني ليلة الخامس والعشرين من مارس، بل أعني نهار ٢٤ مارس ٢٠٢٠ تلقيتُ أخبارًا جيّدة. ورغم هذا، أستلقي الآن على سريري في الساعات الأولى من ليلة الخامس والعشرين أصارع نبضات قلبي وأحارب في الصفوف الأولى في معارك ضارية في رأسي. لا أسامح هذه الأيام لأنّها جعلتني في مواجهة فردية وجهًا لوجه مع وحدة قلبي. " قلبي.. مع الجمال الذي لم يكتشف نفسه، ومع الأغنيات التي فقدت ذروتها بسبب كلمة في غير موضعها"*، قلبي.. على قلبي. ركبتُ السيارة وسرتُ شوارع المدينة، هذه الشوارع التي كانت تعجّ بسائقي التوكتوك والموتسيكلات والميكروباصات المجنونة، تقف وحيدة هذه الليلة، كأنّها في الليلة الأولى بعد هجر الحبيب، أو في اللحظة المواتية لصلب المسيح، نعم.. كان الصمت مهيب، كان الصمت بعيد بعيد بعيد، حتى كدت أن أسمع نصل السيوف في جدال ووهج اللهيب في تأهب مستمرّ، نعم هذه أصوات الحرب التي تدور في رأسي.. أعتقدُ أن بي وصمة عميقة الأثر تركتها اللحظات القاسية التي عشتها دون أن أُلقي لها بالًا، بيد أنّها تكالبت عليّ وتركتني كالمحمومة، بالمشاعر لا الكورونا، تركتني كمن انفلت لتوّه من مهبل أمه عاريًا من أيم...

316: لظهري زعانف وفي رقبتي خياشيم..

اليوم، الموافق ٢٤ مارس لعام ٢٠٢٠، ما زلنا واقعين تحت رحمة الله. ولرحمة الله أشكال كثيرة منها أن نملك وسيلة لنتواصل بها مع العالم، لأننا في خضمّ هذا الجفاء، لا نعرف كيف لنا أن ننقل مشاعرنا سوى أن نمررها من خلالكم. يسهل التواصل الإنساني هذه الأيام. ويصعب كذلك. لا مبرر بعد اليوم لغياباتك الطويلة وردودك المقتضبة وانغماسك الكاذب في العمل، لا شيء يمكن له أن يحفظ ماء وجهك ويسدّ محلّ أي إجابة مقنعة. اليوم، بعد أن تآلفنا بيوتنا وأهلها، رُحنا نلجأ لمواقع التواصل الإجتماعي في لقاءات مفتوحة، ندردش فيها مع الأخلّاء البعاد، من تفصلهم عنّا قارات، ومسافات -رغم قصرها- باتت مستحيلة في زمن الكورونا. القراءة، حتى القراءة، تركت بيننا مسافة آمنة، اليوم جلست قبال الكتب أتوسل إليها أن ترتمي في حضني، فنظرت كأنها تعلوني في المنزلة: "اقرينا بس من بعيد!" كأنها علمت أنني عائدة من المشفى. حافظت على مسافة الأمان بيننا، حتّى لامست كتابة بلال علاء قلبي فلم أستطع سوى أن أنام بجانب كتابه. إنه زمن حزين، زمنٌ تتحول فيه الأرض لحوت، وها هي تبتلعنا جميعًا، دون تمييز ولا تفريق، الجميع، الصفوة قبل القاع، كلهم ...

315: أودّ لو..

رغم كل الفراغ الذي يحيط بي، أجد ضجّة ما في رأسي. ورغم كل ما يبدو ضائعًا من الوقت في عقارب الساعة، إلا أنني لا أجد ساعة واحدة لأمسك فيها كتابًا أو أستلقي فيها بهدوء تام على الأريكة. هل الإزدحام الذي انطفأ في الشوارع، اشتعل في رأسي؟ أودّ لو أفتح شباك نافذتي الآن على تلّ أخضر وسماء زرقاء غيومها تتهادى على مهل، وموسيقى تأتي من بعيد.. - 315/365

314: مسار إجباري..

يعزف "مسار إجباري" الآن، يضحك هاني الدقّاق ضحكة أرستقراطية للغاية، تأتي الموسيقى كفاصل زمنيّ بين هذه الحياة السريعة ذات المخالب الحادة، والهلع الذي يلتهمنا كوجبة ساخنة. هذه الساعة الوحيدة التي يتسنّى لي فيها الهدوء، هذه الساعة الوحيدة التي يمكنني التصفيق فيها بصوت عالٍ دونما أي شعور بالذنب، الساعة الوحيدة التي أستطيع أن أجتمع أنا وأخوتي في غرفة واحدة نقفز كالمجانين تاركين شرايينا للحظات المسروقة من دموع العالم. في اعترافٍ بسيط، أقرّ أن حضور حفلة، بشعرٍ مفرود وبيجامة دافئة هو شعور لا يمكن وصفه. تمامًا كهذا اليوم الذي لبستُ فيها مايوهًا بتروليّ اللون له حزام ناعم وقفزت في أحضان الشاطئ، عندما لامست أمواج البحر جسدي، سرت فيّ قشعريرة. شعرتُ أن الكون هادئ وبارد رغم دفئه.  " صباحك ضحكة بتسكّر ساعاتي الجايّة من يومي" تذكّرني بهذه المرّة التي كنتُ أجلس فيها على شاطئ صفاكس، أمنع عن نفسي حزني. وفي لحظة، كأن دقائقَ لم تمرّ، أشرقت الشمس، ولمعت في عيني دمعة يتيمة لم أتبنَ لها أخوة. شاهدت الجميع يقفزون في البحر ويتضاحكون، أما أنا فلم أكن قادرة على ترك مكاني، ثبّتتني ملابسي في ...

313: الأيام العجاف..

الكتابة تحت وقع يومٍ كهذا ليست سهلة. أريد ألّا أخرج من تحت لحافي الدافىء، أريد ألا أرى العالم، أريد أن أتملّص من مسؤولياتي كطفلة لم تتجاوز الثانية من عمرها. أريد أن أتمدد على الأرض دون أن أنبس بكلمة، أريد أن أمارس خوفي بقدسية وألا أدعي الثبات، أريد الثبات. النوم، هذا اللعين الذي يلعب معي لعبته الخبيثة. لكنني لا أريد أن ألعبها، أريد أن يعتريني شعور الهدوء والسلام ثانية، كأنني بتلة في زهرة موسمية، تداعبها نسمة ريح قادمة. لم أعد أريد الإنتظار ولم أعد أرغب فيه. اليوم أنا أكتفي، فقلبي ثقيل كمرساة تيتانيك! تصبحون على خير.. - 313\365

312: في صحّة الأيام العادية..

تدغدغ نهاية العالم أطراف عواطفي المركونة، يقولون: " اكتبوا يومياتكم في زمن الكورونا"، أقول ماذا نكتب؟! فجأة عدت بالزمن لعام 2013، كنا نقف بثبات أنا وصديقتي أمنية في معمل مادة علم النبات أو الكيمياء العضوية، لا أتذكر، حولنا تتساقط الفتيات في حالات إغماء ووهلع هيسترية، يفترش بعض الأولاد بالطوهاتهم البيضاء ليتضرّعوا لله بالدعاء، كنا نودّ فقط لو نخرج من هذا المعمل الآن. نحنُ محبوسون ولا سبيل للهرب. كيف لي الكتابة في هذه اللحظات؟ أكتب بشكل متقطّع ورديء.  " إلى متى سيستمر هذا الأمر؟!" هو السؤال الذي يدور في رأسي كل ليلة، إلى متى سنظل حبيسي الوظيفة الصباحية لأننا أبناء الطاقم الطبي؟ وإلى متى سنظل حبيسي الخوف في الليل لأننا رغبنا الحياة يومًا، إلى متى سيسرح الهسهس في وادينا المُقحف كلما نزعنا ملابسنا القادمة معنا من الخارج؟ إلى متى؟ " إلى متى سيستمر هذا الأمر؟!" هذا تمامًا ما كان يكرره عقلي حينها وأنا أكتب ما يحدث على تويتر لحظة بلحظة، كنت أودّ لو أنزع عني هذا الثبات الفارغ لأستلقي على أرض المعمل كقطرة مطر، لكنني لم أفعل. شعرتُ حينها وكأنّ الإجابة هي : سي...

311: المجد للجُهَلا..

دي تاني ليلة على التوالي أواجه صعوبة في الكتابة. ومعتقدش إني النهاردة قادرة أكتب، الجو العام غريب! بفتكر أول يوم بدأت فيها المدونة، ٥-٥-٢٠١٩، عمري ما كنت أتخيل ساعتها إني في خلال السنة دي العالم هيدور كده، أو هيقفز قفزات مش مضمونة للدرجة دي. مش مصدقة إن المدونة دي عاصرت زمن الڤيروسات اللي قعدت دول كاملة في البيت. الفكرة نفسها لسا عصيّة على الفهم، ڤيروس قدر يقعّد دول في البيت! دول مبتنامش، ولا بينام عنها العالم، دول بيدور حولها حركة الناس وفسحهم وخططهم، دلوقتي بس شوارعها بقت ولا مشهد من فيلم! المجد، للي بيشتغلوا في المجال الطبي، للي بيشتغلوا وهمّهم حماية الناس والحفاظ على أمنهم، للي بيحاولوا يكسبوا قوت يومهم في خضمّ المأساة، وللي رغم كل الجهل والتعسف في فك خطهم بيخافوا على غيرهم زي نفسهم وبيلتزموا بالقوانين المجد لكل اللي بيحسوا ويفكروا ويخافوا من غير ما يهلعوا.. - 311/365

310: تعلّمت اللعثمة

تلعثمت للمرة الأولى، بعد أن جُنّت خالاتي جميعهنّ، كن يقلن كمن بسخر بالله لأنني انفلتّ من بين يديه عندما طبع على ألسنتهنّ اللعثمة: " كيف لفتاة في هذه العائلة أن يكون لسانها صحيحًا؟" كنت أضحك. أخشى أنني لطالما كنتُ ودودة مع الجميع حتى ذووي الألسنة السليطة.  قلتَ كمن يأخذ شهيقًا ناعمًا: " بحبّك " وكانت تلك مرّتي الأولى. التوى لساني على نفسه ولم أجد في حضوري كلمة كافية لتصف هذا الوجع الذي في فؤادي. ت ت ت تلعثمت، لعنت خالاتي وقلت بصوت قلبي: " الله يخربيت معرفتكو!"، ت ت ت تلعثمت وقلت: " ب ب بسس يا بابا!".  تقول خالاتي: " كنا نخاف أوي من جدك إبن ال لل اللذينا، يلا الله يرحمه"، أضحك، لابدّ أنّه عاش مهرجانًا صاخبًا وسط هؤلاء الحرباءات. تقول أمي: " كان ر ر ررايق، يتف تفّة وبعت حد فينا يجيبله السجاير ع الطاير، وقبل ما تنشف التفّة نكون قدامه". أضحك، لابدّ أنّه كان قرويًّا فذًّا.  أما الآخرُ فمدنيٌّ فجّ، يحبّ أن نرقص ممسكي الأيدي، نتهامس لنشقّ بطن الصوت، وكنت أتلعثم كلما قال كلمة ناعمة كأنّ في لساني أفعى. أقول له " بس يا بابا...

309: اليوم وغدًا، وبعد غدّ..

اليوم، أنا أقف لنفسي، وغدًا، أنا أقف لنفسي، وبعد غد، أنا أقف لنفسي. اليوم، أزيح عن كاهليّ عبء الإحتياج. لن أحتاج. إن كنت لا تعرفُ كيف تقف بكتفي، فلا تقف بجانبي، وإن كنت لن تمدّ يديكَ لتفرد ظهري فلا تمدّ يدك أمامي، إن كنتَ غير قانع وغير قادر على أن تسمع رغبتي، فلا تقدّم لي تضحياتٍ لأنّها على الأغلب تضحيات لرغباتك. أنا أقف لنفسي وأعلم تمامًا صعوبة هذا الأمر، وكيف يمكن لرغبة كتلك أن تصدمني بكل الطرق المستحيلة، أعرف. لكنني في هذه المرة لن أكرر أخطائي، في هذه المرّة سأدفع الثمن الذي عندما تخاذلت عن دفعه سابقًا خذلت نفسي. لكلّ رغبةٍ ظلّت تستنجد بي طول السنين لأجبر خاطرها وأقف معها، سأقف لنفسي. لم يعد هناك وقت ليضيع ولا عالم لينتظر، كل السنون تكرّ نفسها في حركة مكررة ومركزية كأنّها لعبة النحلة الدوّارة ( أو كما كنّا نسميها في صغرنا، الدبّور ). علّمتني صديقتي تسنيم، أن أكتفي بنفسي للبدء، ألّا أنتظر أحد حتّى أفتح الأبواب أو أن أسير بمحاذاة الأفق دون أن أترقّب مؤانسة القمر. وهذا كل ما أحتاجه للآن، لا وقت لديّ. سوف لن أفكّر في الندم. سأسعى للخسارة على أن أسعى للإستسلام. لن أسمح لأن أكون فكرة ...

308: إعصار بقلب أم..

صورة
ولعجائبية القدر، يخلو رأسي من أي كتابة اليوم، رغم كارثية ما يحدث. ولكنني أعي ما تكون هذه اللحظات الزاخمة، ركضٌ متتابعٌ من الأحداث دون ثانية للقط الأنفاس، فكيف لي أن ألحقها؟ قررت بعد نوبات هلع ولامبالاة متتابعة، أن أفتح نافذة المطبخ، وأتنفّس هواء هذا العالم المُنتهي. والمطر، لا يتوقف كأنّه عتاب سرمديّ. نظرتُ حولي جيّدًا، تمكّن السكون من الجميع إلا اثنان يركضان باتجاه الشارع كنادمين. ثم وجدت هذا.. اُلتقطت بعدسة هاتفي المحمول- الخميس١٢-مارس-٢٠ وقبل أن أرفع هاتفي باتجاههم فكرت، هل يحقّ لي؟ ولأنني لم أجد لوجوههم ملمحًا ولا لجلستهم تفصيلًا تجعل من المشاهد متلصّصًا، " تِك" التقطتها سريعًا وبي سعادة. إذًا، في الخميس الموافق ١٢- مارس- للعام المنحوس ٢٠٢٠، حاول الإنسان الإختفاء من الطبيعة الأم، فتلحّف ضلوع عائلته، مؤتنسًا ببرنامج تلفزيوني تقطعه رداءة الإرسال، متّخذًا مكانه على الأريكة ليسع الآخرين، فقط لأن عدد أفراد الأسرة في اكتمال نادر الحدوث. في الخميس الـ ١٢-مارس-٢٠٢٠ بدا كأنّه اليوم الذي بدأ لكي لا ينتهي.. - 308/365

307: ككل الأشياء الجميلة التي تنتهي..

تمام، كل هذا مفهوم، لكن ماذا عن الإنتكاسة القادمة؟ سنتعلم منها؟ أيضًا؟ أودّ لو أصل ولو لمرة واحدة، أودّ لو تكون.. الآن. الأمل ككل الأشياء الجميلة التي تنتهي، يخدش بأظافره الجدار الداخلي للشرايين، لأنّه بطبيعة الحال يجري مجرى الدم ولا يمكن التملّص منه إلا بقطع إحداها.  تتقلّص الفرص العظيمة في مواجهة الوقت، وأعلم أنني ربّما أسبق السوداوية بخطوتين أو ثلاث، إلّا أنني ما عدت حمل الهزيمة، حتى تلك التي تحمل درسًا عميقًا تحتها، ما عدتُ أعتاد الأثقال لأن ما على كتفاي كمرساة تيتانيك، ثبتّ خطافه في جلدي واستقرّ. الهزيمة اليوم أسهل حلّ للبقاء، لا دروس ستلاحقك ولا أوجاع ستؤلمك كلما هممت بالتنفس، لكننا لا نختارها، لأنّ الأمل ككل الأشياء الجميلة التي تنتهي، يخدش بأظافره الجدار الداخلي للشرايين، لأنه بطبيعة الحال  يجري مجرى الدم ولا يمكن التملّص منه إلا بقطع إحداها.  - 307/365

306: تركتها لخيالي..

تتبّعت وجهه، وأصابني ما أصابني في كل مرّة تُفلح فيها توقّعاتي، نعم، تخيلته بهذا المنخاز المميز والبشرة الباردة والعينين الجليديتين.  لا أعرفُ لمَ لا تعتريني رغبة في البحث عن ملامحهم، ربّما لأنني أحبّ أن أحفظ لهم خصوصيتهم، ربّما، إن قابلتهم صدفةً في الشارع، لن أرتبك ولن أرتجف، في الواقع سأتذكّر أغلب ما رغبت في قوله دومًا، وستزور كتبهم ذاكرتي فأشكرهم على الونس الذي قدموه لي في ليالي السكون الطويلة.  عرفتُ رحاب بسّام ثم عرفت كيف تبدو ملامحها الناعمة الطيّبة من مقطع ڤيديو أرسله صديق لي تتحدث فيه عن تجربة الأمومة مع شريف ابنها -أو هكذا أتذكّر اسمه-، وكانت تلك لحظة جميلة كمن يقابل كاتبًا يحبه في لقاء صباحي جميل. ثم قفشت نفسي البارحة أبحث عن إبراهيم عبدالفتاح، بعد أن أنهيت ديوانه " صورة جماعية للوحدة"، وفاجئتني ملامحه، لم أتخيله هكذا تمامًا ولكنني لم أتخيل شيء بعيدًا عنه كذلك، ورغم أنها لحظة استكشافية هائلة، فقد زادها هولًا أنني عرفت أنّه كتب " لما الشتا يدقّ البيبان" لعلي الحجار وهي من أكثر ما غنى الحجار قُربًا لبساطتي وقلبي. أحبّ أن أترك ملامح كُتّابي للحظة لقاء عا...

305: لم تُكتب جيدًا لرجفة في اليد..

لم أعتد رعشة يدي بعد، بدا وأنها ستصاحبني لوقت لا بأس به. أحيانًا تُصفِّح الكتب نفسها بنفسها أمام عيني، دون أن أتبين حرفًا منها، ترتعد يدي لأنني لا أتمكن من ثني صفحة واحدة من أي كتاب يمر بذاكرتي.  تقول لي امرأةٌ أحبّها - بكل حسرة الكون-: " يعني هي شطارة إنك بتعملي كل حاجة لوحدك؟ " أصمت، فتستطرد " عاجبك أوي حوار لوحدك؟!"، ترتعش يدي لأنّ بي كلامًا أكبر من قدرة اللحظة على الإستيعاب وأحقر من أن أتلفّظ به أمام امرأة أحبّها. ترتعش يدي لا شكّ. في عيد ميلادي الخامس والعشرين، كنت ألقي قصيدة كتبتها منذ زمن، وكانت -على ما أتذكّر- آخر محاولة شعرية شاعرية لي. " يا خوفي لأبقى مِ اللي بيوصلوا الآخر مجرد طيف.. لا عاشوا زمان، ولا حبّوا.. ولا طاروا، ولا خبّوا.. ولا غنّوا، ولا سبّوا.. ولا فرحوا، ولا غضبوا، ولا حضنوا ولا اتحضنوا ولا عاشوا... مجرّد بس طيف وخيال"، وفي كل مرة ألقيتها، ارتجفت يداي. ولكنني، بينما أغسل الصحون، ارتعشت يدي، تركتها تهتزّ تحت الماء، لربّما يكون ذلك سببًا كافيًا لكي تكفّ عنّي أذاها، لم تفعل. ما أفعل؟ أشعرُ أنه يجب عليّ أن أبكي.. - 305/365

304: لا بأس علينا..

دعني أسلّمكَ بيديّ هاتان، لا بأس من الإنتهاء، ولا معجزة بعد اليوم ستنقذ العالم، كُنّا كأي نجميّن قُدر لهما أن ينفجرا قبل أن يلتقيا، آلاف من السنين رغبنا فيها أن نتحدّى الطبيعة، قلنا لن ننفجر، قلنا سنلتقي، لم نفكّر في "سوف" نلتقي، أو "ربّما" نلتقي، أو دعنا ننجز كذا "ريثما" نلتقي، لا، قلنا سنلتقي. من وقف في وجه الطبيعة بكل كبرياء الكون، ونجا؟ لا أحد، ونحن لم نكن سوى اللا أحد. دعني أُسلم نفسي للخاتمة التي لا فاصلة منقوطة فيها ولا تعجّب، هي الخاتمة النُقطة. دعني أسلّم نفسي وأنا في هذه اللحظة أملك زمام أمري، لا يجرحني البكاء بنظرته الثاقبة ولا يحدجني الوجع كبومة. الآن، بعد عمر طويل من الهلع الشديد والتطيّر أحب الجميع البوم، حتى باتت تتهافت أصواتهم بهمهمات وتأوهات كلما  رأوها، سامحوه على أساطيره المخيفة ورضوا عنه لكنهم لم يستطيعوا أن يرضوا عنّا ولا أن يسامحونا، أحبّوا البوم ولم يحبّونا! دعني أسلّم ما بقي منّا. لا بأس من الإنتهاء. لا بأس.. - 304/365

303: "سمي الحاجات دي بإسمها" إلّا..

تمنيّت أن أتوقف عن التمنّي. كانت هذه رغبتي. كل أمنية ننظر باتجاهها تنظر باتجاه الشمس لتحرق نفسها،  فلتموّه القصد دون أن تُربك المعنى، ولتتنكر خلف أسوار صراحتك، حتّى وأنتَ تصفها لأحد -الأمنية لا الأسوار- ، سمّها كما شئت لكن دون أن تكون شفافًا معها، دعها تقتنع أنك في غنى عنها، تكبّر عليها، تكبّر أكثر.  وإن كنتَ ستأخذ بنصيحة مصطفى إبراهيم في " سمّي الحاجات دي باسمها، الكدب والخوف والخيانة " فلا تأخذها في الأماني، فكل واحدة تُصاب بلعنة اللاتحقيق فقط عندما تسمّيها باسمها، أمنية.  - 303/365

302: خلِّصْني لأجد خَلاصي..

ما يجثم على صدرك ليس الموت، ولا الخوف، بل أنتَ، وحفيف النَفَس الذي تكتمه، وكل الكلمات التي علقت في حنجرتك. أستغربُ حالتي النفسية، معجنة من التواتر والسعادة والدمعة المتكبرة والضحكة المدويّة، لم أعد أعرف لي حالة، وكل يوم أقترب باعًا من زيارة طبيب نفسي، ثم في اليوم التالي أبتعد باعين عن الفكرة، أقول في نفسي: لقد وجدتها! كمن أدرك أنّه يقف للمرة الأولى بعد الحبو. لقد وجدتها! الكنز الذي سيساعدني على البقاء، المفتاح لخزينة أفكاري، الذي سيجعلني أشعر أنني على قيد الحياة. ورغم أنّي لستُ جوزائية، إلا أن بي تقلبات مجنونة، كلها تقلبات تحدث خلف الكواليس لكنّك تتحسّها في رعشة الميكروفون وانهزامة الصوت. عندما كنتُ أكثر وضوحًا في الحالتين، أي تجاه نفسي وتجاه الآخرين، كانت حياتي أشدّ جفاء لكن أكثر سلاسة، لم أكن أعايش -سرًّا - لحظات أمقتها، لم يكن عندي من المبررات ما أكبّ به على نفسي في كل مرة علقت في أزمة، كنتُ دائمًا ما أجد نفسي تختار الإختيار الصحيح، فلا أملك سوى أن ألوم الظروف وأن أعترف بأنّ بعض الأمور لا تُكتب في لوحي المحفوظ. إذا كان لوحي محفوظًا يا رب، فهلّا تدخّلت الآن، هلّا ساعدتني الآن، ه...

301: اعتذار

اليوم، اعتذر عن كتابة المدوّنة رقم واحد بعد الثلاثمئة، فتك بي الإرهاق والتعب. تصبحون على خير - 301/365

300: عن حمّام شتوي دافئ

كنتُ أسعى لأن أكون مُرتاحة في ملابسي كما تقول صديقتي دومًا في وصف الحزن الغير مبرر " عارفة لما تكوني مش مرتاحة في هدومك!"، هكذا فقط كنتُ أريد أن أكون مرتاحة في هدومي، لكنني لم أصل بعد. اليوم، خرجتُ من حمام ساخن كفرصة سعيدة ونادرة في الشتاء إما لانعدام الماء الساخن وإما لتأخّر قرار الإستحمام لشدّة برودة الجو!، لكنني عزمت على الأمر، درستُ بدقّة متى يعمل السخّان بشكل ممتاز، تمامًا ما بين الثانية والرابعة ظهرًا، على الأغلب تساعد حرارة الشمس في تدفئة مواسير الماء فلا يكون صقيعيًا كما يكون في الليل. أبدأُ بفتح صنبور الماء الساخن حتّى يمتلئ الحمّام بالبخار كدليل قطعي على حرارتها ثم تدريجيًا كمن يضع عين البوتجاز على حرارتها الأقل، أفتح المياه الباردة، وقبل أن ألفّ الصنبور لفّة كاملة ستكون المياه لا زالت ساخنة، لكنّني إن صبرت دقيقة على الأكثر ستفتر وتغدو حرارتها مناسبة تمامًا كما يُفضلها جلدي. رحلةٌ حقيقيةٌ باتجاه الشعور بالراحة فقط لأنني لا أستطيع رفع سماعة الهاتف على السبّاك لأخبره:" ممكن تيجي تشوفلنا السخّان".  المهم أنني لبست بيجامة ناعمة لها فرو صناعي يفي بالغرض، تفوح...

299: يوم في زمن الكورونا

تسمّرت أمام اللوحة المُعلّقة على جدار المستشفى تمامًا بعد أن دخلتها من بابها الرئيسي. الوضع ما زال كوميديًّا بالنسبة لي رغم الجهود المُضنية في أخذه على محمل الجدّ. " اغسل يديكَ جيّدًا "، نقولها وكلّنا أمل، في أن ينظر المواطن الذي يكحّ حلقه في وجوهنا ويكحّ ترابًا في وجه الحياة نظرةً جدّية لأن يغسل يديه لا بماء التِرعة ولا بماء الكولديرات الصدئة ولا بماء الحمّامات العامّة الذي تختلط رائحته برائحة المجاري، لا بل بالماء المُصفّى والمعقّم "أبو فيلتر سبع مراحل". " إذا شعرت بأي من الأعراض إلزم بيتك"، والعيال والمال والأحوال؟ ربّ العمل لا يعترف بالتلاكيك ويعترفُ بالمال، لذا سمُيّ للعمَلِ، ربًّا. استحضرتُ صوت سعال حاجّة قابلتها اليوم بقيت تكحّ في وجهي ثلاثون ثانية متواصلة حتى شعرتُ أنني ملفوفة بلحافٍ فايبر في حلقها، تحديدًا فوق قصبتها الهوائية. بدا أن بيتها، في وجهي، فلزمته. " إذا شعرت بأيّ من هذه الأعراض تواصل معنا"، لا أعرفُ شخصًا بالغًا واحدًا ذهب لزيارة طبيب في حالات البرد أو ارتفاع درجات الحرارة أو حتّى ضيق النفس. اعتدادنا الوهمي بأنفسنا جعل ف...

298: أوبس! أحببتُ نفسي..

صورة
مأخوذة عن أكونت restot من twitter انغمسنا بشدّة في تقبل أنفسنا فتناسينا تقبّل الآخر، وانهال علينا المُجتمع بالمواعظ والرسائل وكيفية التمرد الكامل على الموروث القديم، دون أن يأخذ من أنظارنا لحظة اهتمامٍ بالأطراف الأخرى التي تلفّ أقدارنا وتسعى إليها. ماذا بعد أن نحبّ أجسادنا، أن نقيم هدنةً أخيرة مع علامات التمدد التي تشقّ أفخاذنا وبطوننا، ماذا بعد الوقوع في حبّ أنفسنا؟ لم يعلّمنا أحدٌ أنّه على الطرف الآخر من الرحلة، ثمة جسدٌ آخر، ثمّة علامات تمدد وثمّة بضع كيلوجرامات زائدة هنا وبضع أخر هناك، ثمّة اختلاف في انعكاس اللون عن أجزاء معينة في الوجه والجسم وثمّة تجاعيد وثنيات ومنحنيات وشامّات وندوب. ثمّة الكثير الذي عهدناه في أنفسنا لطول الوقت الذي نمضيه أمام المرآة نُدرّب فيه أعيننا على الأُلفة لكننا ما عهدناه في مرآة الآخرين، كأننا نقبل في مرآتنا الرؤية الكاملة ولا نقبلها أو نراها في مرآتهم!  توّرطنا في أنانية حبّ الذات للحدّ الذي طمس عنّا فرصة حبّ ذواتِ الآخرين، رغم أننا -وخلال الرحلة- كنا نأمل الوصول لحبّ الجميع بدون قيود ولا مكوّنات. فماذا فعلنا بحقّ أنفسنا وماذا فعلوا هم بنا...