58: هاربةٌ من الثِقَل..
أتتذكرون ڤولدمورت وهو ينظر في عين أعدائه، يشاهد أرواحهم وهي سحابة بيضاء تغادر أجسادهم، هكذا أشعر الآن. تمرّ تلك الأيام، أعني تلك الأيام التي تشعر فيها أنك مُنساقٌ خارج جسدك لجسد آخر أكثرَ إرهاقاً وبلادة لا روح فيه ولا نفس. وتحاول أن تعود ولو زحفاً لما كنت عليه، للجسد الذي ألفته وللروح التي توالفت معها، تحاول! وحاولت، لأنني دائماً أحاول، ركبتُ السيارة ورحت أتيه في الشارع، أسمع أم كلثوم بصوت عالٍ للغاية، أغنّي معها، وثمّة دمعة محبوسة في العين، ثمّة دموع، لكنّها لا تتحرر، كصاحبتها. يا دموعي المسجونة، لا أملك حرّية لأهديكِ هي. لكنني رحت أغني وأغني حتى شعرتُ أنّ صوتي لم يعد صوتاً، بل الصراخ والعويل والحديث والهروب والصمت مجتمعة. حاولتُ حتى أن أخبز كوراً من العجين المحشوّة بالشوكولاتة لتصيبني هيستريا الستريتونين، لكنّ الخميرة قررت أن تخذلني أنا وتتكالب مع العالم، ولأنني أعتبر الخَبْز بالأخص والطبخ في المجمل علاجٌ شخصيّ فلجأت له، مثلاً رائحة البهارات تصيبني بالرضا وشكل الفقاعات التي تبدو على سطح الإناء عندما يوشك على الغليان تزيد حماستي، مقدار الطاقة السلبية التي يمتصّها معجون الدقيق م...