181: انتخابات ذاتوية
أعلمُ جيّداً كم كانت ستختلفُ الأمور لو ذهب كل واحد منّا في الطريق الذي اختاره، الذي تراءت له فيه نفسه لا كوهمٍ بل كضوءٍ ساطع سطوع الشمس في عزّ الضهر. ولأننا لا نُعايش الحياة من المسلك الذي يجب أن تُعاش من خلاله، اختلّت كل موازين الإختيار والقرار وباتت حيوات الجميع نُسخةٌ مستنسخة من بعضها الآخر، دون أيّما بوادر شجاعة لتغييرها. ولا ملام بالطبع، فمن قرر أن يحيد عن القافلة جلبوه مذلولاً مُهاناً بالشتائم والتجاوزات الكاذبة، ليعلّقوه في ميدان فيسبوكيّ عام لا رحمة فيه ولا عدل ولا حتى حقائق كاملة. كان بودّي أن أعايش الإختلاف الجميل، الذي يصنع بيئة كاملة مسالمة ومتوازنة من كل شيء، لكن يأبى مجتمعنا إلا الإنغماس في الفرقة واللاجمعية. من أنتَ لنتقبّلك بكل سلاسة ؟ أتظنّ نفسك سياسياً فاسداً أو حاكماً أو حتّى شخصاً بالكاد يملك أخلاقاً؟ نحن نتقبل هؤلاء فقط، لأننا لا نخاف دونما ذلك. فما الذي يجمع الأفئدة سوى الخوف! وللإختلاف وجهٌ آخر، وجه أكثر قسوة وأشدّ عنفاً، ويكون رحلة لضبط الذات وشهواتها وانفعالاتها مهما انفلت زمامها. وأتخيّل أنّ أمراً كهذا لن يكون بالصعوبة التي صّدرت إلينا حتى نكره من يمتازون...